الجمعة ١١ شباط (فبراير) ٢٠٠٥
بعد انتهاء معرض الكتاب الدولي في القاهرة
بقلم أحمد الخميسي

المعرض والكتب

من الواضح أن معرض القاهرة الدولي للكتاب – وقد أصبح له تاريخ يمتد إلي سبع وثلاثين دورة – لا يمكن أن يكون مجرد مكان لبيع الكتب ، أو ساحة تجارية . والأرجح أن الدولة أرادت وتريد وتسعى بمعرض الكتاب إلي احتفال ثقافي وسياسي يترك أثرا مقترنا بمعنى التحضر والثقافة والحرية . ولو أن الهدف من المعرض هو " شراء وبيع الكتب " لأمكن بسهولة استئجار محلات عمر أفندي بكل فروعها في القاهرة لعرض مختلف المطبوعات على مدار السنة . الفارق الحاسم بين محلات وسط البلد ومعرض الكتاب أن الأولى مجرد أمكنة لبيع الكتب ، أما المعرض الذي تشرف عليه الدولة بكل ثقلها وكتابها ومسئوليها فلابد أن يكتسب معنى أبعد من ذلك ، أي لابد أن الدولة تخطط له لتقديمه دليلا على حيوية الدور الثقافي الذي ترعاه وعلى فكرة الدولة عن الثقافة ، و تعاملها معها ، وتصورها لطبيعة مهام المثقفين . باختصار لابد أن الدولة تتخيل أن المعرض في نهاية المطاف دعاية أو نوع من الدعاية لحسن إدراك! الدولة لدور الثقافة ، وإلا فلماذا تكلف الحكومة المصرية نفسها كل تلك الأعباء المالية والتنظيمية ؟ ولماذا تعلن عن ندوات المعرض ؟ والمشاركين ؟ وتجتهد لاجتذاب أكبر عدد ممكن للمساهمة في ندوات المعرض ونشاطه ؟ .

ومع الأخذ بعين الاعتبار أن البيع والشراء جانب مهم ، إلا أن الهدف الأكبر في آخر المتمة هو إقامة مهرجان كبير بجمهور كبير يخرج منه المواطن سعيدا بمدى اتصالنا بالثقافات الأخرى والكتب المطبوعة في مختلف البلدان ، مع قليل أو كثير من الندوات بقليل أو كثير من الأسماء التي تضفي – مع قليل أو كثير من الجهد - جوا متحررا على المهرجان الكبير . والمعرض إذن موضوع سياسي لكن على صعيد ثقافي .

إلا أن المأزق الذي يواجهه المعرض كل عام دون أن يتمكن من تفاديه ، وخاصة هذه السنة ، يتجسد في الهوة الشاسعة التي تفصل بين رسالته المفترضة ، وجوهره الفعلي . فالرسالة المعلنة هي : حرية التفكير والتعبير وترسيخ مفهوم الثقافة وطرح مختلف القضايا للنقاش الحر وغير ذلك، أما واقع المعرض فهو : استبعاد الكثيرين من المفكرين مثل محمد السيد سعيد وإلغاء ندواته بعد الإعلان عنها ، بالرغم من أنه نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام، واستبعاد آخرين من الأصل، وتنحية مفكرين يمثلون تيارات اجتماعية وسياسية عديدة . رسالة المعرض التي يسعى لتحقيقها هي الدعاية للحرية التي تتمتع بها الثقافة ، لكن الواقع أن الرقابة قد استأصلت عددا من الكتب من دار الآداب البيروتية ، ودار الساقي ، ودار الجمل ، وصادرت كتبا لنصر حامد أبو زيد ، وعبد الرحمن منيف ، وإدوار الخراط وغيرهم . رسالة المعرض – وهو عمل سياسي حكومي – أن يشكل دعاية للحكومة، وأن يشيع فكرة التحضر الذي يحترم الحرية والثقافة ، لكن عملية الاعتقال التي طالت عددا من الطلاب والمثقفين على أرض المعرض تقوض كل ذلك.

جاء المعرض هذا العام نموذجا واضحا للطريقة التي تفكر بها الدولة في شئون الثقافة : إنها زينة ، واستكمال للديكورات بغض النظر عن الموضوع . المشكلة الحقيقية أن الكتب بطبيعتها تدعو إلي الحرية والتطور والتقدم ، ومن الصعب أن تصبح دعاية لغير ذلك ، بالضبط كما أنه لا يمكن استخدام منظار طبي حديث في الدعوة للعلاج بالزار !

مشكلة الحكومة أنها أرادت وتريد أن تنشر إعلانا عن الحرية فجاءت صورة الإعلان في هيئة شخص مقيد بالسلاسل، صودرت الكتب من حوله ، وارتفعت الأسوار حوله تمنع الناس من مواساته ، وبذلك انقلبت الدعاية إلي نكتة محزنة .

لقد حان الوقت لكي تفكر الدولة في أن تكون أيام المعرض أياما للنقاش الحر بالفعل، لا يستبعد منه أحد ، وأن تصبح لأرض المعرض حرمة – مثل الحرم الجامعي - فلا تطأها أقدام رجال المباحث ، ولا تعلو في أجوائه عصي الشرطة ، حان الوقت لكي تتحرر كتب المعرض من أية رقابة ، هذا لكي تتطابق الرسالة المعلنة مع موضوع الإعلان .


مشاركة منتدى

  • tunis le 24/02
    02:33
    gp. al yassamine
    les foires de livre
    malgres tout reste l’Egypte le pays le plus producteur de livre aussi consommateur.
    et cela me donne le courage pour dire a mes ami’e)s les écrivains de caire jusqu’a l’exandrie : courage ..courage..courage.
    c’est difficile de nos jours de lutter contre la barbarie occidentale sans culture ni écriture.
    nos les arabes modernes, nous somme concernés plus que les autres pour voir les choses claires vis a vis a l’autre qui demouli nos patrimoines,nos coutumes,nos penseés,,meme nos vies.
    je suis un jeune chercheur ,je parle les langues possibles et j’aime voir les choses claires car c’est pas bon de rester indefferents vis a vis a l’autre qui "chante" tout seul,qui nous fait voir la vie plein de classes,,sans nous dire un mot de justice.
    J’attends beaucoup des penseurs arabes,se sont la et la-bas.
    se sont dans nos veines,nos coeurs qui battent d’amour et de joie globale.
    cher amis ,
    courage pour batir un autre monde plus plaisible ;plus gais,plus transparent.
    c’est non a quoi sert les livres ;les foires...de la chere CAIRE et de la belle TUNIS..
    BATTTA

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى