الأربعاء ١٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٧
بقلم وحيد خيـــون

المَسَار الصعب

ركِبْتَ طريقاً والطريقُ طويلُ

فتابِعْ مساراً ليسَ منهُ بديلُ

أرَدْتَ المَسَارَ الصَعْبَ فانْعَمْ بمائِهِ

و مِلْ عَكْسَ ما كانَ النسيمُ يميلُ

وتابِعْ خُطىً ما سارَ أهلُكَ فوقَها

فإنّ الذي في العُمْرِ ظلّ َ- قليلُ

شرِبْتَ شرابَ العابثينَ براحِهِمْ

وأوشكْتَ مَمْـنُوعَ الثِمارِ تطولُ

فتابِعْ طريقاً لو تموتُ بنصْـفِهِ

سَيَمْشِيهِ أجيالٌ ويعزِفُ جيلُ

بَكَيْـتُـكَ عُمْراً لن تعودَ ولا أنا

لعَودَةِ عُمْـرٍ مِنْ سواكَ أميلُ

ثلاثينَ عاماً قد أضَعْتَ بساعةٍ

وستّينَ مِيلاً و المَسافة ُ ميلُ

بَكَيْـتـُكَ عُمْراً قد مَضَى بدُموعِهِ

ولستُ طَمُوحاً في الحياةِ تطولُ

رَضِـيتُ من السيْلِ الذي كانَ جارِفاً

بأني على أرضِ العِراق ِ أسِيـلُ

وقلتُ لنفسي لنْ يَزولَ مُعاكِسٌ

لأ يّـــامِهِ .. لكنني سأزولُ

ظننتُ حياتي لا خِتامَ لِمِثـْلِها

وها هي دقّتْ للرحيل ِ طبولُ

وها هيَ شمسٌ ما حَسِبْتُ أُفولَها

يَجِدّ ُ بها قبلَ الأُفولِ أُفـولُ!

وكنتَ طَمُوحاً أينَ منكَ مرابِعٌ

وسربُ قـَطاً و حمائمٌ و خيولُ

أضيّعْتـَها مثلَ السنينَ أمْ الذي

سليلُ عِظَـَاتٍ للضياعِ سَلِيلُ؟

وأينَ اللواتي هنّ في كلِّ ساعةٍ

لدَيْكَ نذيرٌ أو عَليْكَ دخيلُ؟

تجاهَـلـْتَ أيّـاماً و أنتَ مُواكِبٌ

حوادِثَ تسْـرِي والمَسيرُ ذمِيلُ

تحَمّـلْتَ حَمْلاً لا خفيفَ وراءَهُ

لأنكَ مِنْ قبلِ الرِّحَال ِ ثقيلُ

لأنكَ حتى لو ندِمْتَ ستـنْـتـَهي

فليْسَ الى العهدِ القديم ِ سبيلُ

أ تُـنْـكِرُ ضيّعْتَ الكثيرَ ؟ أ ناكِـرٌ؟

فهاتِ دليلاً لو لديكَ دليلُ

مَشَيْتَ طريقاً لا سبيلَ لِعَوْدَةٍ

و لا مُنتهى للقاصدينَ يَؤولُ

مَشَيْتَ طريقاً سوفَ تمْشِيهِ واحِداً

وأدنى الذي قالوهُ فيكَ عَمِيـلُ

عَمِيلٌ لِمَنْ ؟ للهِ ؟ تلكَ حقيقة ٌ

لكلِّ فروع ٍ في الحياةِ أُصولُ

لعِبْتَ طويلاً, ليسَ في العُمْـرِ وِجْهـَة ٌ

أجَلّ َ , سِوى يَغْشى هواكَ جليلُ

لهُ الحمدُ ما في المُعْصِراتِ خليلة ٌ

ولكنهُ في المُعْـصِراتِ خليلُ

وألـْـفَـيْتُ نفسي واحداً بمدينةٍ

بقايا طُلُولٍ , هل تَرُوقُ طُلُولُ؟

مُضَيِّعُ أحبابٍ وفاقِدُ موطِنٍ

وفي كلِّ يومٍ وِجْهـَة ٌ و رحيــلُ

تغيّرَ مِنّي الوجهُ حتى مَلامِحي

تغيّرَ منها مُرسَـلٌ و جميلُ

وحتى عيوني الضاحِكاتُ تغيّرتْ

وصارتْ بأوقاتِ السّـرورِ تسيلُ

وإني و لا أُخْـفِيكِ يا أُمّ َ سـالِمٍ

أُريكِ سليماً , والصّحيحُ عليلُ

وأكثرُ ما يُؤذي جراحي تجاهُلٌ

وأكثرُ ما يُدْمِي الجِراحَ جَهـولُ

ولكنني رغمَ المُذِلاتِ أزْدري

سِياطَ الأذى , ما مِنْ بَـنِـيكِ ذليلُ

تغيّرتُ يا أُمِّي , تغيّرَ مَطْمَـحي

وها هو فجْرُ الطامِحينَ أصِيـلُ

وها هيَ آفاقي تنُمّ ُ برَجْعَـةٍ

وها هيَ شمْسٌ عن سَمايَ تزولُ

وصِحّة ُ حالٍ ما صَعِدْتُ لِقِمّـةٍ

وأشْرَ قـْتُ , إلا في قِوايَ نُزُولُ

وقَلْبٌ بما أشْـقيْـتـُهُ باتَ واضِـحاً

بدَقـّاتِهِ , شاخَتْ لديْهِ فصولُ

وترجُفُ مني في الثـّبَاتِ أصابِعي

فليسَ بها للدَانِياتِ وصولُ

وأرضي التي كانتْ حدائقَ بابلٍ

خرابٌ , ومِنْ كلّ ِ الجِهاتِ مُحولُ

نعَمْ لم تعُدْ عندي لضيفٍ حكايَة ٌ

وما كانَ لي في الناطِقينَ مثيلُ

نعمْ لم تعُدْ في الروحِ ومْضَـة ُ طارِقٍ

ولا- خَضِـلاً مِلْْءَ السُّـفوحِ- نخِـيلُ

تغيّرتُ فِعْلاً , والطِباعُ تبدّ لـَتْ

وصارَ الذي يُعْـطي اللقاءَ يحولُ

وما عادَ في نفـْسي لأيِّ تـَزاحُمٍ

من الناسِ مثلَ الآخرينَ شَمُولُ

فشُكْراً لدُنيايَ التي أيْـنما أكُنْ

تكُنْ حائلاً تـُقصي بنا وتـُقِــيلُ

وشُكْراً ليومٍ مِنْ صَلافـَةِ غيْرِهِ

مِنَ الناسِ , يومٌ طيِّـبٌ و خجولُ

وشُكراً لكلـْبٍ مِنْ نَجاسةِ حاسِدٍ

أقلّ ُ , و كلبٌ مُخْلِصٌ و نبيلُ

وشكراً لِوَجْهٍ مِنْ خشونةِ أوْجُهٍ

من الناس ِ , وجْهٌ ناعِمٌ و أسيلُ

وشُكْراً لِمَنْـفاي المُطيع ِ و غربتي

و شُكْرِي لأيامِ العِراقِ جزيلُ

لندن 15-2-2006


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى