الثلاثاء ١٧ آب (أغسطس) ٢٠١٠
بقلم زهير الخويلدي

الولي الطاهر وطار يعود إلى مقامه الزكي

«اللاز... إننا وحدنا، كما رغبت... هيا تكلم... أنت تعيش في...»

نتقدم بالتعازي لأسرة الفقيد الطاهر وطار وللعائلة الثقافية العربية عامة والجزائرية خاصة وذلك لأن الذي غادرنا يوم الخميس 12 أوت 2010 عن عمر ناهز 74 عاما وبعد رحلة كلها كفاح من أجل الوطن العزيز وكلها عمل من أجل الرقي بالأدب واللغة العربية والتقدم بالثقافة والفنون هو رجل مستنير وناقد ماهر ومربي أجيال عليها تعلمنا وبه اهتدينا وقد كان صديقا للعديد من المثقفين والكتاب والشعراء التونسيين والعرب.

من المعلوم التذكير بأن الراحل وطار قد ولد في بيئة ريفية جزائرية قرب عين البيضاء وتتلمذ إلى جمعية العلماء لابن باديس والتحق بمعهدها في قسنطينة ثم غامر بالسفر إلى تونس وانضم إلى جامع الزيتونة المعمورة ودرس فيه بعض الوقت ويتقن فن الطباعة ويمتهن الكتابة الصحفية و ليلتحق في الأثناء بجبهة التحرير ويشارك من موقعه الفكري في تحرير وطنه من الاستعمار الفرنسي.

لقد كان وطار مثقفا عضويا وافتتن بالفكر اليساري ولكنه كان أيضا من دعاة لغة الضاد ودافع على خيار التعريب في وجه التيار الفرنكفورني الغالب ورغم ذلك نجح صحبة مجموعة من زملائه في إعادة المجد إلى اللغة العربية كلغة أولى في البلاد. ويحسب للراحل تكوينه عام 1989 مع مجموعة من المثقفين مؤسسة الجمعية الثقافية الجاحظية التي لعبت دورا بارزا في تنشيط الحياة الفكرية والإبداعية في الجزائرمثقفين مؤسسة الجاحظية الثقافية.

إن رحيل هذا العلم هو خسارة أخرى تضاف إلى سلسلة المنارات المنطفئة في الآونة الأخيرة وتتكبدها الساحة الفكرية العربية في ظل انحسار المد التجديدي وتفاقم أوضاع الرداءة وانتشاء ثقافة التقليد والاستهلاك وتراجع الأنظمة الرسمية عن التعويل على البعد الثقافي والتربوي في سياستها التنموية.

كان للفقيد العديد من المقالات في الصحف والمجلات التونسية مثل الفكر والصباح والعمل واللواء والنداء وفي الصحف الجزائرية الجماهير والشعب والأحرار وترك لنا المبدع وطار الكثير من الأعمال الجيدة والتي تأتي لتثري المكتبة العربية ومازلت طازجة في حاجة إلى القراءة والتأويل للاستفادة من دلالتها ومقاصدها وأشهرا اللاز والزلزال وغرس بغل والولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء وبعض المجموعات القصصية مثل دخان من قلبي تونس والشهداء يعودون هذا الأسبوع. وقد حولت قصة نوتة إلى فيلم سينمائي وقصتا الشهداء يعودون والهارب إلى مسرحيتين نالتا عدة جوائز. مارس الترجمة من الفرنسية إلى العربية وترجمت أعماله إلى العديد من لغات العالم وتدرس مؤلفاته وألفت حوله عدة رسائل جامعية.

رحم الله الفقيد وأدخله الله فراديس جنانه وستظل روحه الجاحظية الناقدة ترفرف عاليا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى