الأحد ١٩ نيسان (أبريل) ٢٠٢٠
بقلم علي بدوان

اليرموك ومكتبة الرشيد

كان ومازال مخيم اليرموك في قلب الحركة الثقافية في دمشق ومحيطها، وزَخِرَ على الدوام بنشاط الحركة الثقافية في البلد، فكان في بؤرة الحركة الحيوية التي طالما مرت عليها سنوات وردية من العمل والنشاط الثقافي المُتعدد الأوجه، حتى بَزَّ مخيم اليرموك كل المناطق الموجودة بدمشق من حيث تسجيل الوقائع النشاطية وإنجازاتها، وبناء الحالات المرموقة في العمل الثقافي وابداعاته، فكان اليرموك المشغل الإبداعي لصقل المواهب وتنميتها، وأستطاع أن يفوز ببناء مركزٍ ثقافي كبير تابع لوزارة الثقافة السورية، هو الأكبر من بين جميع المراكز الثقافية الموجودة في مُختلف المدن والبلدات السورية.

حيث يضم بين جنباته القاعات والمكتبة، والمدرج الكبير الذي يتسع لنحو (500) شخص على مقاعد وثيرة، فضلاً عن كامل التجهيزات التي تُليقُ بهكذا مرفقٍ حضاري.

المكتبات في اليرموك كانت ويفترض بأنها مازالت مكوناً من مكونات الحركة الثقافية، وعددها كبير جداً، لكننا نريد هنا تسليط الضوء على بعضٍ منها، وخصوصاً المكتبات التي لعبت دوراً في تعميم ونشر الثقافة بجوانبها المختلفة بين جمهور الناس.

من تلك المكتبات (مكتبة الرشيد) لصاحبها سليم رشيد (أبو شادي). مكتبة القناعة لصاحبيها (أحمد مراد وعبد المالك نجم) وقد تحوّلت في مسار عملها ونُقلت من مكانها الأصلي. مكتبة الطلاب الحديثة لصاحبها الحاج أبو سميح صمادي. مكتبة النهضة لصاحبها المرحوم أبو خالد سليمان وقد أغلقت منذ سنوات. مكتبة ودار الشجرة لصاحبها المرحوم غسان الشهابي. مكتبة الحرية لصاحبها المرحوم أيمن موعد. مكتبة عبد الحق مقابل ثانوية اليرموك للبنات عدا عن المكتبات الخاصة الواسع الإنتشار في عددٍ كبير من المنازل ومنها مكتبة الناقد المعروف على المستوى العرب يوسف سامي اليوسف (أبو الوليد)، ومكتبة الأستاذ اسماعيل، ومكتب ابو سميح، ومكتبة عيد عبد الكريم صاحب كتاب (فنون الطرب عند قبائل النقب)...تلك المكتبات التي احرقت، او نهبت، أو ضاعت ... فضلاً عن المؤسسات العديدة، وكان منها مؤسسة فلسطين الثقافية التي نشأت في السنوات الأخيرة، وأستطاعت أن تقدم الجديد خلال الفترات القصيرة التي عملت بها قبل مِحنة اليرموك، اضافة للمنتديات الثقافية والفرق الفنية التي ضج بها اليرموك من كثرة اعدادها، وحضورها، وفعالياتها، ودرجة استقطابها للكفاءات والمواهب الصاعدة، وتنميتها.

مكتبة الرشيد الواقعة في منتصف شارع اليرموك تقريباً، حافظت على حضورها وحيويتها، وقد ذاع صيتها منذ تأسيسها في أيلول/سبتمبر عام 1973، وجرى تحديثها أربع مرات. وقد إشتهرت بإهتمام صاحبها ومؤسسها بالعمل الثقافي عموماً وبالثقافة الوطنية الفلسطينية خصوصاً. كما أشتهرت بتسويق أدبيات المرحلة السوفيتية الصادرة عن (دار التقدم) و (دار مير) في موسكو، وبأسعارٍ رمزية.

فيما أهتمت مكتبة ودار الشجرة بنشر الكتب والكتيبات التي تَضُمُ بين دفتيها الذاكرة الفلسطينية، وسيرة المدن والقرى والبلدات الفلسطينية، إضافة لبعض الدراسات المُتصلة.

مكتبة الرشيد، ودار الشجرة، ومؤسسة فلسطين الثقافية، والمركز الثقافي العربي في مخيم اليرموك ...الخ. وغيرها من مراكز العلم الثقافة، تحولت لملتقى الأحباب والخلان من مثقفي اليرموك وحتى من خارج اليرموك، وتحولت أيضاً لعنوان وموقع للدلالة المكانية بين الناس في عموم مخيم اليرموك.

تلك المنابر والشواهد والمواقع والمراكز الثقافية في مخيم اليرموك، والتي تَبني وتُسعِد الناس والإنسان، وترتقي بوعيه وحضارته وإنسانيته، يجب أن تُرفد وأن تُشجع على الدوام، بعد العودة لليرموك واعادة بنائه مع المرحلة التالية من المعافاة التي تعبر نحوها سوريا العربية، وكسر مشاريع تفكيكه وازالته، كما يريد من يسعى لتحطيم حق العودة وتحطيم البلد.

(الصورة أبو أحمد عيد عبد الكريم في مكتبة منزله قبل محنة اليرموك).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى