الأحد ١٧ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
بقلم حسن الشيخ

انتصار الإعلام أم انتصار القنابل

انتصر لبنان أم انهزم. انتصرت إسرائيل في حربها السادسة على لبنان أم انهزمت. لا يهم الآن كل هذا . ما يهمنا هنا الإجابة على سؤال بسيط. لو أن هذه الحرب وقعت قبل عشر سنوات من الآن. كيف يمكن أن ننظر إليها؟ ليس من زاوية الانتصار برغم انه من أهم الزوايا, ولكن زوايا أخرى مكمله, مثل زوايا من المعتدي والمعتدى عليه، ومن البادئ بإشعال نار المعركة, ومن الجلاد هنا ومن الضحية، ومن انتصر في بدايات المعركة, وانهزم في نهاياتها. بل ومن ساهم في الانتصار ومن ساهم في الهزيمة.

لو حدثت تلك الحرب قبل أكثر من عشر سنوات من الآن, لما استطاع احد أن يجزم بالإجابة على احد تلك الأسئلة. ولأوكلنا الإجابة عليها للسياسيين, كي يقرروا لنا الإجابة على كل مفردة من تلك المفردات السابقة.

لكن اليوم غير الأمس. فقد استطاعت الملايين العربية والإسلامية من متابعة تلك الحرب من غرف نومها. تابعتها لحظة بلحظة. وهي نفسها قررت من هو الجلاد ومن هو الضحية. وهي قررت من هو المنتصر ومن هو المهزوم. لكن الرئيس الأمريكي بوش لم يدرك تلك الحقيقة ويبدو انه ما زال يتصور إننا نعيش في زمان الأمس. لذلك خرج إلينا لكي يقول إن إسرائيل انتصرت في حربها. ولما لم يهضم مقولته تلك حتى شعبه الأمريكي المطارد بالتصنت عليه في اتصالاته الهاتفية, والمغمض عينيه عن نقل ما يجري في لبنان, عاد الرئيس الأمريكي ليقول له (إنهم بحاجة إلى وقت حتى يدركوا أن إسرائيل منتصرة في حربها تلك).

فماذا يبيت الرئيس الأمريكي للبنان؟ وما هي اللعبة السياسية القادمة من قرار مجلس الأمن1701 ؟ وما هو الدور الفرنسي الغامض في لبنان؟ لا ندري بعد. ولكن تباشير القرار الأممي هو حصار دولي بحري وبري للبنان. والمستشارة الألمانية قالت بدون تردد أن قواتها الألمانية قادمة لحماية إسرائيل (ولكن لا يهمنا الآن الإجابة على تلك الأسئلة.

لأننا أردنا أن نقول أن المنتصر في هذه الحرب هو الإعلام العربي. صحفه وقنواته الفضائية الصادقة التي نقلت لنا تفاصيل الحرب لحظة بلحظة. ولقد أثبتت قناة الجزيرة والمنار و نيو تي في، وقناة أبو ظبي وغيرها من القنوات العربية مهنيتها في تغطية الأحداث. ونقل وقائع الحرب يوم بيوم.

الشعوب العربية والإسلامية التي خرجت في مظاهراتها الضخمة , منددة للعدوان الإسرائيلي. ومؤيدة للمقاومة اللبنانية، خرجت طائعة لم يجبرها احد على الخروج. ولم يجبرها أحد على رفع شعارات محددة. تحمل صور قادة المقاومة وتحمل غضبها وانفعالاتها الصادقة ضد الظلم والعدوان.

وما كان هذا ليحدث لو أن هذه الحرب حدثت قبل أكثر عشر سنوات. حيث لا قنوات فضائية تنقل لنا وقائع الحرب إلى منازلنا. إن الانتصار هو انتصار إعلامي في الدرجة الأولى.

وقادة المقاومة اللبنانية أدركت منذ اليوم الأول أهمية المعركة الإعلامية، فاستعدت لها حتى قبل الحرب. وإسرائيل أدركت خطر قناة المنار فقصفتها لأكثر من مرة. إلا أن قناة المنار لم تتوقف ساعة واحدة. كما أن قادة المقاومة والتي تميزت بالهدوء والثقة عبر تصريحاتها, وعبر خطابها السياسي والعسكري أذهلت السياسيين والعسكريين معا. وجعلها قائدة للعمل الإعلامي دون منازع .

وإذا سلمنا مع الرئيس الأمريكي أن إسرائيل انتصرت, فان قناة المنار قطعا لم تهزم. ولعل الرئيس الأمريكي يتذكر عقب احتلاله لأفغانستان، وسقوط الدولة والحكومة الأفغانية, بعد احتلالها إلا أن وكالة الإنباء الأفغانية لم تسقط, التي بقيت حتى بعد الاحتلال تبث أخبار الخسائر الأمريكية هناك. انه انتصار قناة المنار أيها الرئيس.

بل إن البرامج التي بثتها قناة المنار, والتي واكبت تطور المعركة. وسايرت الخطاب السياسي للمقاومة تبقى مثار الإعجاب والدهشة. فكيف تم هذا بهذه السرعة وبهذه المهنية تحت القصف الإسرائيلي الهمجي؟

إن القنوات العربية وبالتحديد قناة المنار, لم تقرر لنا النصر بل جعلتنا نعيشه يوما بيوم ونتلذذ به. وجعلتنا من جانب آخر نلاصق أوجاع وآلام الجرحى والنازحين. وأوقفتنا في طوابير العزاء لنقدم التعازي لأسر الشهداء الأبرار.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى