الثلاثاء ١١ نيسان (أبريل) ٢٠٢٣
بقلم محمد عبد الظاهر المطارقي

بائعة الكعك الصغيرة

قصة للأطفال

فى الصّباح الباكر، من كلَ يومٍ، كانتْ تأتى بائعةُ الكعْك الصغيرة، ذات السبَع سنوات. وهناك، عِندَ سور المدرسة، تقفُ بانتظارِ البنات.

كان الجوّ شديدَ البرُودة، يُنذِرُ بسقوط أمطار.. بينما البنتُ المسكينةُ تتكوَمُ أمام سور المدرسة بانتظار التلميذات، والهواءُ الباردُ يحومُ حوْلَها، ثم يهجمُ عليها، فيتطايرُ شعرُها الذهبي فى الهواء، ويتخلل ملابسها الرقيقة، فتشعر بالبرودة، تلسع جسمها الصغير، تحك يديها الصغيرتين، تحلُمُ بالدفء، والبناتُ يشترْينَ الكعك.

سحبت البنتُ جسدها الصغير، وحملت الكعك، واتجهت نحو باب المدرسة، حيث بقعةٌ الشمس الدافئةُ، قد أخذت بالانكماش.

وجاءت التلميذات، يركضْنَ داخل المدرسة، هرباً من قسوةِ الجو، وطلباً للدفء داخلَ الفُصول.

كانَتْ البنتٌ الصغيرةُ تتطلع إليهن، وإلى ملابسهن. كانتْ تحلم بالمدرسة، والحقيبةِ الجلدية، فيها الكتب والأقلامُ.

لم تشعر إلا وهى تدخل المدرسة هرباً من شدة البرد، ومن الأمطار المتساقطة. كانت الصغيرة بائعة الكعك، تدخل المدرسة لأول مرة فى حياتها، رغم أنها تأتى كل يوم، لتبيع الكعك، خلف السور.

مشت البنت بائعة الكعك وهى مشدوهة بما ترى، مبتهجة كأنها فى عالم غريب، عالم جميل. فهى الفقيرة التى لم تتعلم.

ودق الناقوسُ، معلناً ابتداء الحصة الأولى. وأدركت الصغيرة أنها أخطأت بدخولها المدرسة. وعلى الفور جرت مسرعة وخرجت. ومن خلف السور، ومن وراء إحدى النوافذ القريبة، كانت البنت الصغيرة، تتطلع إلى التلميذات، وإلى المعلمة، وهى تكتب على السبورة. لم تعبأ بالصقيع، ولا بشعرها الناعم، الذى يطير فى الهواء.

راحت تردد مع المعلمة الكلمات الجميلة. لقد كانت سعيدة وحزينة أيضاً. سعيدة لرؤية المعلمة، وهى تكتب على السبورة، وحزينة أنها لم تستطع الجلوس بين التلميذات، تقرأ وتكتب.

ودق الناقوس معلناً انتهاء الحصة الأولى، ثم ابتداء الحصة الثانية، والبنت الصغيرة لا تزال تقف خلف السور، تنظر من خلال النافذة، فترى وتسمع ما تقوله المعلمة، وتردد مع التلميذات الأناشيد.

انتهى الدرس، هرعت التلميذات من داخل فصولهن، وهن يحملن حقائبهن، والبنت الصغيرة قد باعت كل الكعكات، لكنها لم تكن تفكر فى ذلك. لقد خطرت لها فكرة ساحرة، قررت تنفيذها.

فى صباح اليوم التالى، جاءت البنت الصغيرة، ومعها الكعكات الطازجة، ومعها دفتر وقلم. أمسكت البنت القلم.

فاليوم لن تردد ما يقوله التلاميذ فقط، بل ستحاول أن تكتب أيضاً.. (انتهت)

قصة للأطفال

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى