الأحد ٦ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٩

بين الجرح والنزيف

خليل توما

أيها الليل الذي يضيئه وجه محمدْ
آن لنا أن نقتلعك من الأعماقْ
ونلقي بك خارج الكرة الأرضيةْ
لأن السماء التي أخذت تنهضُ
متثاقلة كعروس في ثوبها الجديدْ
تبحث عن عريسها، تمد ذراعيها
فتنسكب منهما أنهار الدم ِ
على الأرض القاحلة،
تبحث، تبحث، تنظر حولها في
لهفةٍ ومن عيونها تمتلئ المزهريات
وعروق الفقراءِ والتعساءْ،
تبحث عن عريسها، أيتها السماءُ
أطلّي من خلل الدخان والرمادْ،
عندما تتكور الأرض وتصبح في
حجم زنزانة وتشحب الضياءِ
لتصبح كرباجاً في يد المحققينْ
ترين محمداً شجرةَ تفاح ٍ
ملقاة في كهوف البرابرةْ
أطلي أيتها التي تبحث عن عريسها،
مدي يديك من خلف الشبابيك والقضبانْ
جسد محمد يتشكل كالصلصالْ
ليتخذ ملامح الوطنْ
أصبح هو الوطنْ
مدي يديك إلى الأقفالْ
مدي يديك إلى الحديد البارد
إلى الجدران التي ترشح بالرطوبةْ
إلى الأرض التي ما زالت تفتح صدرها
لجسده البضِ ليستريح قليلاً
قبل أن يواصل رحلة العذاب،
مدي يديك إليه، وعندما ترتفعين
محلقة إلى الأفق كعلم فلسطينْ
تذكري أن شبابه يذوب كل يومْ
ليمسح بصاقهم عن وجهك الجميل.
أطلي أيتها القادمة على سروج الغضبْ
أكيدة أنت كالموت، جميلة كحدائق الأطفالْ
كان محمد يشرع قبضتيهِ
وينادي فرس الريح الجموحْ
فتجيبه صاغرة تذلل ظهرها
وعندما يسأله الرفاق أن
ينتظر قليلاً كان يشير بعينيه
إلى البعيد، حيث تنحسر الأمواجْ
ويستطيل ظل الشمس كأعمدة الخيامْ.
كان الفارس،
كانت عيون النيام تستيقظ على حوافر فرسه
والذين بهم صمم سمعوه جيداً
والطريق تنهض خلفه، تجري وتجري
إلى عوالم جديدة.
أطلي أيتها القادمة كالموت والصباح
لقد ربط حصانه ودخل المغارة قليلاً
وكالزمن بين الجرح والنزيف
يعود ثانية
يواصل المشوار.

خليل توما

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى