الاثنين ٣٠ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٣
بقلم ليلى براح

ثقافة الطوابير في بلدي

(1)
في البدء كان نظاما ً
كان تحية للعَلَمِ
كان تربية...
كان تقويماً...
كان سلاما...
تمضي السنوات
فيصير طابورنا
ظلما و ظلاما ً
حقدا و انتقاماً
(2)
طابور أمام السفارات الأجنبية
يتضخم و يطول
يغازل أطرافه شباب
يذوب في الشقراوات غراما ً
يرى الظلام في أرض الغير
نورا...
و يرى النور في أرضنا
ظلاماً...
و يصبو إلى الكرامة في غير وطنه
فمتى كان العرب
في غير أوطانهم كراماً؟
 (3)
طابور في المحطات
المثقلة هموما ً
يشتبك الناس…
فيستحيل الصبر خصاما ً
و يتزوج الغضب بالصخب
فينجبان ما يخاله الناظر
مظاهرة...
أو إضرابا...
أو اعتصاما
و الكره يتفشى بيننا
و الحب ينتهي سرابا ً
ينتهي غبارا ً
ينتهي ركاما ً
(4)
طابور في مطاعم ماكدونالد
كبار و صغار
و عيون تنطق هما و زحاما ً
أطفال على ثقافة الغرب ترعرعوا
يقفون أمام شباك الهمبرڭر احتراما ً
و لغة غير لغتنا
تقتحمنا ثقافتنا اقتحاما ً
و نار الإنتظار أينما ذهبنا
تزيد فينا اضطراما ً
تستحيل لهيبا
تستحيل سخاماًً
(5)
طابور في الإدارات العمومية
يسيرنا عمدا
فنسير على هواه استسلاما
و الأبواب الخلفية مفتوحة
يلجها بسلاسة أصحاب المدير
و أصحاب نائب المدير
تحيطهم الإبتسامات ترحيبا
و اهتماماً
و نحن ما زلنا في الطابور
نأكل بعضنا...
نعرق...
و نغرق... 
و نصير هلاما ً
(6)
طابور على باب الماخور
و ساقيات يغرقن الطابور مُداماً
فننتظم و نتحضر أمام الكؤوس
و نسمي ذلنا تمدنا…
و التزاما
و الرذيلة الكبرى تدوسنا
تلتهمنا التهاماً
فنسكر و نعربد
و نتوعد و نهدد
و نُغْرِقَ بحر الأفعال كلاما
فقط لنكون في أرض العمالقة...
أقزاما
(7)
طابور في المستشفيات الحكومية
مقدس كما المعابد العتيقة
نعانقه مهما كان الداء
سلا أو درنا أو زكاما
و ننتظر الطبيب
منقذا أسطوريا…
و فارسا هماما
يحارب المرض بأقراص الأسبرين
و يتلو على المرضى تعويذة الشفاء
تنزل في أحشاءهم
بردا و سلاماً
أو...
موتا زؤاماً
(8)
طابور أمام قوارب الموت
و آمال تصطدم بإرادة الموج اصطداما 
و فتياننا...
يهدون أرواحهم
للبحر قربانا
و يهدون أجسادهم
للقرش طعاماً
تذوب عظامهم في ماء مالح
كملوحة الدمع المذروف تماماً
(9)
طابور على أبواب المقابر
بجلابيبنا البيضاء
ننتظر المسك ختاماً
فيأتينا قصفا و عصفا
و اعداماً
يجلدنا...
يعذبنا...
فيزيدنا بجفاه هياما
فكفانا يا طابور تشتتا 
و كفانا يا موت انقساما

مشاركة منتدى

  • سيدتي
    لقد ألهمني الوقوف على طوابير كلماتك إلهاما. وعلمت أن ما كل الناس في هذه الطوابير نياما..
    فأمثالك يرفرفون في البلاد أعلاما..ويبشرون بمستقبل وطن تكدس فيه الجهل أكواما..
    فبمعاول الكلمات تحفرين أسس التغيير لزاما..فلنقف في طابور آخر حزما وإيمانا..
    فعلى ذاك تشرق الأنوار حتما لتحقق أحلاما..فليدم طابورك طويلا..طويلا أياما وأعواما.
    لك مني تحية وسلاما.
    خالد اليزيدي .
    قاص من المغرب.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى