الأربعاء ١٦ آذار (مارس) ٢٠٢٢

«ثلاثية العشق العربي»..ملحمة الحب وسط الموت والدمار

تستلهم الروائية خلود الرشق، أحداث الثورات التي شهدها غير قطر عربي خلال العقد الثاني من الألفية الجديدة، لتصوغ منها تفاصيل "ثلاثية العشق العربي"، وتغلفها بقالب إنساني جعل من التداعيات السياسية خلفية لأحداثه.

واتسمت أجزاء العمل الثلاثة: "الهروب من بنغازي"، و"موسم القطاف"، و"رمش الذئب" بطابع ملحمي امتدت أحداثه إلى بقاع مكانية متعددة، فانطلقت من مدينة بنغازي الليبية، ومرت بمدن عربية من بينها عمّان وحلب والقاهرة، قبل أن تعود في الجزء الثالث إلى مدينة بنغازي من جديد

وصدرت الثلاثية عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 550 صفحة من القطع المتوسط شكَّلت مجموع الأجزاء جميعها، وصمم أغلفتها الخطاط والفنان التشكيلي إبراهيم أبو طوق. وأشارت الكاتبة إلى أن روايتها تستند إلى أحداث حقيقية عاينت هي نفسها جزءًا منها.

ويخوض بطلا الرواية، "صقر" و"أمل" دراما رومانسية وسط فوضى من القتل والقصف والدمار. ورغم أن البطل "صقر" كان أحد المرتزقة المشاركين في كثير من جرائم القتل وتهريب النفط والآثار، إلا أنه تمكن من التغلب على الظروف القاهرة التي جعلته جزءا من تلك الأحداث، وقدم لأمل التي قابلها في حفل بقصر والدها في بنغازي، ما استطاع من دعم حفظ به حياتها، وأخرجها من واقعها العائلي الذي كشفت الثلاثية من خلاله واقع كثير من النخب المتورطة في ما عانته الشعوب من ظلم وفساد.

وجاءت لغة الرواية سلسة، وامتاز أسلوب الكاتبة بقدرتها على تكثسف المشاهد تكثيفا سينمائيا يعتني بتفاصيل المكان عناية خاصة، ثم لا يغفل التفاصيل الداخلية للشخصيات. يصف أحد مشاهد "الهروب من بنغازي" انشغال صقر بأمل، مشاعره تجاهها:

"ألقى نفسه على أريكة في الصالة مُطلِقا زَفرة انزعاج. أغمض عينيه ليتجسد أمامه مشهد النبيذ المسكوب على صَدر أمل وهي تَرمقهُ بينما أحمد يُجَفِّفه لها. قال في نفسه: »شَقِيّة أنتِ يا أمل، لا همّ عندكِ بما يَحدُث في هذا العالم البائس، تَمَرُّد ساكِن خلف نظْرَتكِ الساذجة، أسوار قَصركِ أصداف تَحبس براءة هَشَّة كَرِمال شاطئ تُداعِب مَدّاً يصقلها بهدوء«، ثم راح في غَفوة أطلق خلالها أنفاسًا ثقيلة، استيقظَ بعدها مجفلًا. اغتسلَ وارتدى ملابسه، وارتدى سُترة واقية للرصاص، تفحَّص سلاحه ثم جهَّز بعض الأدوات داخل حَقيبة الظَهر، صَنع كوبًا من القهوة، ثم دَهَن مُربى التَّمر فوق رغيف من الخبز".

ويصف مشهد آخر من "موسم القطاف" انشغال أمل بصقر، وتفكيرها فيه رغم بعد المسافة بينهما:

"جلست على سجادة صغيرة أمام موقد البوري، انهمكت بمحاولات عدة لإشعال الحطب، لكن النار كانت تخبو حال اشتعالها، شرد ذهنها بصقر: «ترى، أين أنت الآن؟ تصارع الثلوج أم تسكن إلى حضن دافئ؟ قلبي ليس مطمئنا، أشعر بك وأعرف أنك في ضيق، هل أنت في «عين العرب»؟ أم في تعز؟ ربما في بنغازي أو الفلوجة؟

كلها مواقد مشتعلة تأكل بيوت الغافلين حطبًا، وأنا أحاول يائسة إحياء شعلة موقدي الصغير، وأنتظرك».

دقات خجولة خلف باب الشقة جعلت قلبها يقفز,، التفتت إلى الباب وفكّرت: «هو! بالتأكيد هو، السبل المتقطعة لا تعيقه عن الوصول إليّ».

وبقيت الثلاثية في نهايتها مفتوحة على احتمالات كثيرة يمكن أن تشكل مستقبل أبطالها المغموسين بالتداخلات الرومانسية- الاجتماعية- السياسية.

ومن الجدير ذكره أن خلود الرشق كاتبة أردنية وُلدت في الكويت، درست الأدب والصحافة والموسيقى في سويسرا، وحصلت من هناك على شهادة البكالوريوس في الدراسات الدولية، ثم على شهادة الماجستير في الإعلام، وشهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية.

وقد كتبت وأخرجت للإذاعة والتلفزيون والمسرح. مارست الكتابة الصحفية، ونشرت مقالاتها وتقاريرها في صحف عدة، وصدر لها في الشعر ديوان بعنوان: "هو في عيونها.. قصائد الحب والحرب".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى