الاثنين ٩ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٩

جوائز فلسطينية مقدّرة

معن البياري

الشاعر والناقد عز الدين المناصرة، المفكر فهمي جدعان، الروائي رشاد أبو شاور

صارت "جوائز الدولة التقديرية" التي تنتظم مواسمُها السنوية في معظم بلاد الدنيا تعدّ من علامات كيان الدولة نفسها. ولهذا تحرص الحكومات على هذا التقليد الذي يقضي بتكريم فائزين في عدة حقول بهذه الجوائز، يحرزونها بعد تنافسٍ، أو يتم تكريم بعضِهم على مجمل نتاجهم. ولمّا غاب هذا الموسم السنوي في فلسطين 14 عاما، لأسبابٍ عديدة، فإن استئنافه منذ عام 2015 كان تصحيحا لحالٍ مختلّ، وما أكثر أوجه الخلل والعطب في الحال الفلسطيني العام. وبذلك، يحسُن تقدير اهتمام الحكومة الفلسطينية بهذا التكريم لمنتجاتٍ ثقافيةٍ فلسطينية، على الرغم من أوضاع مالية شديدة السوء تُغالبها السلطة الوطنية الفلسطينية. وإذ أكد وزير الثقافة الفلسطيني، عاطف أبو سيف، في مؤتمر صحافي تم فيه الإعلان عن أسماء الفائزين بـ "جوائز فلسطين في الآداب والفنون والعلوم الإنسانية" للعام 2019، الأسبوع الماضي، أن هذا الحدث سيتم انتظامُه سنويا، فإن تثمينا لهذا الأمر يحسُن الجهر به، سيما وأن الوزير اعتبر تكريم المثقفين والمبدعين الفلسطينيين حقا لهم. ولمّا كان من حق كل فلسطيني، في الداخل المحتل في عام 1948، وفي كل الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وكذا في أي أرضٍ في العالم، أن يتقدّم لنيْلها، إذا ما وجد إبداعًا له يحقق شروطها، فإن تقديرا آخر لهذه الجائزة مستحقا يحسُن إشهاره، عندما تهتدي بالبديهية التي نعرف، أن فلسطين موحدةٌ في الوجدان العام لأبنائها، ووطن كل فلسطيني أينما أقام وعاش.

ومع كل الحق لأي صاحب رأي أن يرى ما يرى بشأن الأعمال التي أحرزت الجوائز هذا العام، في الآداب والفنون والعلوم الإنسانية، وفي فئة إبداعات الشباب، إلا أن تكريم الشاعر عز الدين المناصرة والروائي رشاد أبو شاور والمفكر فهمي جدعان بجوائز مجمل الأعمال (شهادة وميدالية تذكارية و20 ألف دولار) يبقى موضع ثناء خاص، ذلك أن الثلاثة هم من ناقدي الحالة الفلسطينية، وفي الصدارة منها السلطة الوطنية، ولم يُحسَب أيٌّ منهم على أهل التزلف والنفاق والمداهنة والتملق، ما يعني أن اللجنة المختصّة التي رأت استحقاق ثلاثتهم الجائزة، الرفيعة معنويا وأدبيا والتي تحمل اسم فلسطين، من دون أي حسابات، وأحسنت في عملها الذي سلك النزاهة وحدَها، مع كل التقدير لآخرين في المشهد الإبداعي والمعرفي الفلسطيني العريض ويستحقون التكريم بالجائزة. ولا يملك واحدُنا غير التنويه بما أوضحه بيان لجنة التحكيم، برئاسة الناقد والباحث أحمد حرب، عن صنيع كل من المناصرة وأبو شاور وجدعان، الروائي والشعري والفكري.

التهنئة هنا للقاص محمود شقير، والروائي أكرم مسلم، والباحث محمد بكر البوجي، والناقد نبيه القاسم، والتشكيلي عابد عابدي، والفنان خالد الحوراني، وقد أحرزت نصوصٌ وأعمالٌ جديدةٌ لهم جائزة فلسطين التقديرية للآداب، والدراسات الاجتماعية والعلوم الإنسانية، والفنون، (شهادة تقدير وميدالية تذكارية و10 آلاف دولار)، بموجب ما رأت لجان التحكيم المختصّة. كما هي التهنئة للمخرج ثائر العزّة، والشاعر عبدالله أبو بكر، اللذيْن فازا بجائزة فلسطين للمبدعين الشباب (شهادة تقدير وميدالية تذكارية و5 آلاف دولار). وبذلك تنضمّ هذه الأسماء إلى كتّابٍ ومبدعين وفنانين وباحثين فلسطينيين سبق أن استحقّت أعمالٌ لهم الجوائز التي تنافسوا عليها. والمهم هنا أن يكون هذا التقدير لأعمالهم الفائز مناسبةً لنا، نحن الجمهور العام، للتعرّف على مواطن التميّز فيها، بقراءة النصوص ومشاهدة الأعمال التشكيلية والسينمائية.
أما وأن قائمة الفائزين لهذا العام خلت من أي اسمٍ نسائي، على غير ما كان الأمر في الدورات السابقة، فقد يكون هذا مبعث مؤاخذةٍ عند أهل الصحافة و"السوشيال ميديا"، فيما الأمر يخصّ لجنة تحكيمٍ رأت ما رأت، لها سلطتُها وذائقتها، ما قد يعني أن لجنةً أخرى ربما كانت سترى أحقية أسماء أخرى في هذه الفئة أو تلك. وأيا كان الحال، فإن حيثيات كل واحدةٍ من الجوائز المعلنة منشورةٌ، في بيانٍ وافٍ، فلم يتم الاكتفاء بإيجاز أحمد حرب لها في المؤتمر الصحافي، بل تم نشرها في الميديا وغير موقع إلكتروني، مع التأشير إلى أن 121 عملا تنافست على الجوائز، وتم استبعاد ثمانيةٍ منها لعدم استيفائها الشروط. ومقادير الشفافية الظاهرة هنا تسوّغ مقدارا مضافا من الثناء على جائزة فلسطين التقديرية للآداب والفنون والعلوم الإنسانية.

معن البياري

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى