السبت ١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٢٢
بقلم عبد الكريم المحمود

جَمال يوسف (ع)

أيّ سرّ طاف بالنسوة من ذاك الجمال ..
حين قطّعن الأيادي بالنصالْ .. !
وسباهنّ النظرْ
فتغشّاهنّ بحرٌ من ذهول
حيّرت أمواجه فُلك العقول ..
هل رأين الحق أم زاغ البصرْ ..؟!
أيّ نورٍ خطف الأرواح منهنّ بومضه
واستوى حباً بلحظه .. !
فاسترابت في الهوى تلك الصدور ..
مَلَكٌ من قد سباها أم بشرْ .. !
أيّ سحرٍ تاه في وديانه حادي الخيالْ
سائلاً هل من مثالْ .. ؟!
هل رأينا في القصور ..
مَلَكاً يخدم ربّات الحجالْ .. ؟!
يوسفُ الصدّيق ما أعجب أمركْ
أبدع الخالقُ من روحك شكلا
ولديك الروح من جسمك أحلى
إذ غدا خيرك يمحو كل شرْ .. !
منذ أن أنكر حُسّادك قدركْ
يومَ ألقوك لوحش الجبّ طفلا
علّه يُرديك قتلا ..
واستخفّوا منك تقواك وصبركْ
فاستحال الجبّ قصراً من زهور
زاده وجهك نوراً فوق نور
منذ رامتك زليخا بانتقاص
وتمنّت قطف أزهارك جهلا
يوم ألقتْ (هَيتَ) تعدو ضبُعاً كي تقتلكْ
فانبرى سيفُ (معاذَ الله) يُردي (هيت لكْ)
فجنتْ مُرّ القصاص ..
وأذاعت منك مخفيّ العطور
أيها الصدّيقُ ما أدركت النسوةُ سرّكْ
بل ولا أدركْنَ جهركْ
كيف والاخوةُ باعوك بمعدود الدراهمْ
ثم ساقوك مع الأحمال عبدا ..
واستهانوا بك زهدا
غاب عمّن كسبوا شرّ المغانم ..
أنّ ربّ الكون بالخلد اشتراكْ
ودعا جبريلُ في نصرك جندا
حين ربّ العرش للوحي اصطفاكْ
لتنير الأرض إحساناً وعدلا
مذ غدا سجنُك مشفىً للقلوبْ
تنجلي فيه الخطايا والذنوبْ
ويحيط الملأ الداعي بأنفاسك حفلا
قد حباك الله للأحداث تأويلاً وفهما
حين في سلك القضا تنظمها نظمَ العقودْ
وتُعيد العِقدَ في جيد الزمان ..
فتُري من حكمة الله بهاءً قد تجلّى
حاضراً في كل آنْ ..
صاهراً ما قيّد الأذهانَ من أعتى القيودْ
مُظهرَ الحق بما قد ظنه الغافلُ وهْما
فيك يا صدّيق ناموس الخليقه ..
قد تجلّى فيك حباً للحقيقه
فغدا حبك يجتاز الحدودْ
وله في كل قلبٍ مستقرْ
وتساوى في الهوى عبدٌ وحرْ
إذ رأوا فيك لذاك الحبّ أهلا
فعلى يعقوب لا يجري الملامْ
حينما ابيضّت به العينان من حزن الفراقْ
عالماً لله شأناً في اجتبائكْ
وعلى قلب زليخا المستهامْ ..
حين صار العشقُ صوفيّ المذاق
يرتوي العفّة من بحر نقائكْ
وعلى إخوتك المدلين جهراً نادمين ..
أنهم إياك كانوا ظالمين
جادهم عفوٌ غزيرٌ من سمائكْ
وعلى سجّانك الباكي لديك ..
بعد أعوامٍ من البغي عليك
هزّه صبرٌ جميلٌ في بلائك
وعلى قادة مصر الغالبين ..
حين ولّوك عليهم طائعين
قادهم سيلٌ توالى من وفائكْ
أدركوا منك مع الحسن اقتدارا
حكمةً تعلو وعلماً لا يُجارى
بك دانت مصرُ بالتوحيد دينا
بعدما قاست من الشرك قرونا
ومدى حكمك عاشت في نعيمْ
إذ أتى عدلك بالخير العميمْ
بك يا قدّيس حكمُ الله بان
يبهر الناسَ على مرّ الزمان
أنّ تقوى الله سرّ في الجَمال
يختفي الحسنُ إذا ما السرّ زالْ


الأعلى