الثلاثاء ١٦ شباط (فبراير) ٢٠١٠
بقلم نذير طيار

جُودِيُّ الرّوح

مدخل:

على قلمي ألف جرحٍ من الكلماتِ
ومِنْ فتنة الحفر في الحرف مليون نزفْ.
أنا..
لي على الذِّكْرِ وعدٌ بندفة ثلج إذا سَعَّر الصدر حَيْفْ
وعندي..
مع الثلج عِقْدٌ غليظٌ بعضَّة بردٍ إذا صَهَّرَ الجلدَ صيفْ
وبي...
من رذاذ الحكايات شوق
إلى ثورة في المعاني، يُدوِّي صداهُ
بألوان طيف.
فلا تطلبي يا عصور الهواء المكيَّفِ صمتي،
إذا ما خدشتِ ملامح سمتي،
وصادر عذبَ النسائم سيفْ.
 
(1)
 
ولَمَّا أويْنا إلى وطن الظل،
 
من لفحاتِ اللُّهاث وَرَا النسماتْ
تندَّى على صمتنا بَوْحُ غُصْنٍ،
يخيط شقوق الظما، بِعُرَى الكلماتْ
« ألاَ أيُّها الراقدون بقبر التمنِّي،
جميعُ المقاعد محجوزةٌ،
لثواني العروج تُسِرُّ إلى حُلُم الفجْرِ:
"قُمْ، سلسبيلُ التقلُّب فاتْ".
وذاتُ اليمين، كذاتِ الشمال، ذَرُوها..
ذَرُوا جُبَّكمْ،
يوسفٌ...أنتمُ،
والَّذين رمَوْهُ،
والَّذين رَمَوْا دلوَهُمْ،
والَّذين اشترَوْهُ ببخسٍ.
ذَرُوا كهفَكُمْ،
لَسْتمُ بالرقيمِ،
وليستْ كهوف الكسالى من المعجزاتْ».
 
(2)
 
ولمَّا أوَيتُ إلى صدر أمِّي
تفتَّح لي ألف بابٍ وباب بأمواجِ تيهي
عضضْت على نفحات فصوص الوصايا
ومنوالُ أمي نسيجٌ يناجي تفاصيلنا،
مِنْ ختام التشظي إلى مُبتداهُ.
أطَّلتْ من الشفتين جداريةٌ
رصَّعتها زهور الكلامِ
حكايا البداياتِ
سحر الفراشاتِِ
ورد البراءاتِِ
يمسك طيف الأنا،
إذْ يلاعب فجرَ الصبا معْ نداهُ.
على متن عينيك أمِّي
أعيد احتضان المسافة
دفءَ المسافة بيني وبيني،
ألَمْلِمُ تاريخ وجهي
أرتِّب كنزا بروحي
وأقفز جهرا على ما عداهُ.
أنقِّب في بيت جدي
عن الخلوات التي أدهشتني
عن الممكن، المستحيل بعيني
وعنيِّ أنا،
قطر وردٍ تبعثرَ بين الفصول شذاهُ.
على هُدْب أمِّي
تأرجَحَ نبضي
يراقص وهْج البراءة عمرا
إلى أنْ
تماهَى المدى في مداهُ.
 
(3)
ولما أويت مع النازحين إليهِ
سلكتُ طريقي أنا..
طريقي الذي كم تعثَّرت فيه قُبيل اعترافي بذاتي.
تمدَّدْتُ روحا على صفحة الكون
سافرت للانهايةِ
حتى تدنَّيت مني.
تذوَّقتُ حال الذي قصر النظرات عليْهِِ.
تذكَّرتُ وقت انشراح المرايا بوجهي
وبسمة جسمي لنكتة ظلي
«تنحَّ قليلا، فكم تحجب الشمس عني،
هو النور يشوي تسكُّع صورة نسخكَ،
فافسحْ له في الطريق،
وحاذرْ سقوطَكَ بين يديْهِ.»
 
(4)
تسابيح روحي
تطارِد طيف الترانيم في العالَمينَ
تشدُّ الرِّحال اشتياقا إلى جزرٍ كم تجير اختلافِا
تفتِّش عن نفسها، في زوايا ذواتٍ وعتْ ضدَّها.
هي لا تَدَّعي..أن حظر التجوُّل في دوحة الروح من حقِّها..
لا..
ولا تَدَّعي أن جنة عدنٍ أُعِدَّتْ..
لِمن ذاقَ يوما لذيذ التجلِّي بها وحدَها.
تنسجُ اللحن عذبَا..لإغراء من شَفَّ ليلا،
فيهفو النسيم إلى ملتقاها..
وتقفو الريَّاح مواعيدَها.
كم تراود أفكارهُمْ عن حظوظ الهوى
برحيق العقولِ
يناجي فراشات أحلامهِِِمْ.
ربما يبصرون فيوض السماء عليها
ليتهمْ...يظفرون بقبسة نور كتلك التي أبرقت عندَها.
 
(5)
لأن الكمالات جوديُّها
تركب الروح طوفانَ أسرارها
يبحر الحب في الاختلاف الجميل،
ويرسو على نقطة فوق حرف اللقاءِِ.
كما الليل يفسح لليوم في الوقتِ
عشقًا لهُ،
أفسح في الفكر للآخرينَ
أحبُّ الرحيل إليهم
لعلِّي أجدِّد حبل ارتقائي.
على ما تبقَّى من العبَق السوسنيِّ،
ومن همسات الحقول إلى زفرات الصباحِ،
أحلِّق نحو بلادٍ،
بها عندليب الحكايا يطرِّز منحنيات الأغاني
بخيط الحرير وسَمِّ البهاءِ.
 
(6)
أنا ما اتخذت نوايا الندى
مخلبا لاقتلاع البنفسج والياسمينْ.
أنا لن أقول حجزتُ الجنان لقلبي،
وسَعَّرتُ نارَ جهنَّم للآخرينْ.
ففي الحكمة المشتهاةِ ملاذ البصائر،
في الليل متَّسَع للهواجسِ،
في البحر منتجعٌ للخواطرِ،
في الأفْق منتزَهٌ للجفونْ.
أنا لا أخاف على وردتي
مِنْ تعدُّد لون الفراشِ،
ومِنْ قُزَحٍ يتقوَّسُ طيفًّا،
ولا يستقيمُ،
سجودًا لمن أبدعَ الخلقَ شتَّى وقالَ:
«أنا ربُّكمْ» أحَدٌ «فاعبدونْ».

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى