الأحد ١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٩

حسناء

محمد المبارك

حسناء بنت صغيرة تربّت على حياة البذخ والرفاهية ، على الدلال وعلى عدم سماع مفردة (لا).

لم تكن قد بلغت من سني عمرها ما يخولها أن تكون صاحبة قرار إلا أن موت أمها المبكر الذي سحب بساط الحياة من تحت قدميها فجأةً جعلها تنوب عنها في قيادة معسكر المنزل الذي يشبه القصر لِما يحوطه من تفاصيل العز والأبّهة من الحدائق والأشجار وبِرك السباحة ، وفي داخله من الخدم والحشم.

يتسارع الزمن لتشب الفتاة ويكون لها من اسمها نصيب ، فقد رسم شبابها جمالها بإتقان على محياها مما جعل أصدقاء أبيها ينظرون إليها من طرف خفي..!!

نشأة علاقة سريعة مع أصحاب أبيها الذي كان يمتلك شركة ضخمة ولم يكن له أولاد سوى هذه البنت التي سرعان ما انجرفت مع تيار علاقات السهر الماجنة بعيدا عن رقابة أي عين..!

لم يكن الأب ليعير اهتماماً لتحركات ابنته المشبوهة بل أن تلك التحركات لم تثير فضوله.

لم يمهل القدر الأب كثيراً فقد أرداه المنون بعد بضعة أشهر من بدأ علاقة ابنته بتلك المجموعة لتنغمس هي في علاقاتها المحمومة لتصبح امرأة لعوب بامتياز.

يستغل محمود أحد أفراد المجموعة بقاء حسناء منفردة بلا أم ولا أب ولا أخوة فيلقي شباك خداعه عليها فيتقدم لخطبتها بقصد الزواج منها بعد أن رقّبها في نفسه بالكلام المعسول والعبارات المنمّقة وأنه قد ذاب فيها هياماً وعشقاً ، لم تضرب على باب حظها بل فتحت الباب على مصراعيه معلنةً القبول.

تم الزواج على أحر من الجمر فبدأ محمود منذ ذلك اليوم يحيك خيوط المؤامرة كيف يستطيع السيطرة على أموال هذه الزوجة التي لا تعلم ماذا يدبّر لها خلف الكواليس حتى جاءها يوماً يطلب منها إدارة أموالها وتسجيل الممتلكات باسمه ليستطيع التصرف فيها ، وافقته دونما تردد وهي تنظر إليه بعين الرضا والثقة وهو ينظر إليها بعين المكر والدهاء.

لم ينتظر طويلا ليهرب بأموالها إلى جهة غير معلومة ، هكذا جاءها الخبر ، لم تصدق ما سمعت من أحد أقاربها بان زوجها خدعها وهرب بكل ما تملك.

جن جنونها لم تتمالك نفسها أخذت تهذي بكلام غير مفهوم ، أحيانا تضحك عندما ترى صورة محمود معلقاً على الحائط أمامها وأحيانا أخرى تبكي حيث ترمي تلك الصورة بكل ما تطوله يديها حتى قدت في حالة من الهستريا.

لم تمضِ سوى أيام قلائل حتى بدأت تنبعث رائحة نتنة من محل سكناها الذي وصل إليه أهل الحي بعد فوات الأوان حين وجدوها تقبع في آخر غرفة وقد علّقت رقبتها بحبل طويل يتدلى من السقف وقد فارقت الحياة.

محمد المبارك

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى