الأحد ٢٤ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٦
بقلم بيانكا ماضية

خياله

ألج أيامي متأبطة انكساراتي وأحزاني ، أمشي أتلمس مخرجاً من ذكريات حفرها الزمان في أعماقي ، أتطلع إلى الأفق بحثاً عن فضاء جديد فيفاجئني خيال لايزال يرفرف في أجواء أيامي .
وأيقنت أن لا مهرب من هذا الخيال الذي تجذر في وجداني واستحال هوساً يسحق الذاكرة ، وضعت قلبي جانباً ورحت أسابق دروب الفراق .. دخلت سراديب طويلة أصارع فيها خفافيش الموت ، وكنت كلما أخرج من أحدها أزداد موتاً وانهياراً .

تداعيات تتسلل إلى أعماقي فتشعل فيها شوقاً إلى الماضي وحزناً على ما ذبل من أيام حملتها السنون لتذروها على هامش الحياة ، فأخر صريعة الوجد والبعد والحنين .
كل يوم أتحايل على نفسي للخروج إلى فضاء آخر ، فتأبى الذكريات أن تفارق مخيلتي ، ويأبى الخيال أن يبرح الأمكنة ، خيال يمخر عباب هواجسي فيحيل أيامي إلى ضياع .

كنت حين يلامسني الوجد تطير الفراشات في روحي وتزغرد الطيور في دمي ، وتشتعل في عيني ومضات الحبور ، فأخال الدنيا لحظات من الأريج المعتق .

لم أستطع يوماً نسيان الدياجير التي أحالها نوراً وهاجاً ، فاستفاقت دموعي على شعور لاهث وراء الحنين إلى من عشش في تلافيف الحياة ، ولم أعد قادرة على نسيان صباحات كان يزورني فيها حلماً جميلاً .
أجلس وأنصت إلى وشوشات الصباح وهديل الزمان ، علّ خياله يتجسد حقيقة فيمحو ماعلق بأذيال أيامي من خوف وأسى ، لكنني أغمض عيني المنكسرتين على شاطئ أحزاني ، فيسري طيفه في وجدي وهيامي ، ولا أدري إلا وأنا أشعل أطياف فردوسه بقناديل أدخل إليها مرفرفة بروحي ، أغرق بتأملاته ، أفرش أجنحة قلبي لتحتضن طيفاً كان يسحق ذاكرتي كل يوم .
لم يبق من ذاك الطيف إلا خيال أتعبته أيام لاتزال تؤكد لي أنني كنت وحيدة في هذا العالم .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى