الخميس ٢٩ نيسان (أبريل) ٢٠٢١
بقلم رندة زريق صباغ

دراما رمضان، كيف تحوّلت لمهرجان بالأقنعة

يربك المشاهد ويفقده الثّقة؟

ترى من المسئول ومن المنتفع –ليس مادياً فقط- من هذه البلبلة وهذا الكم الذي يربك المشاهد ويفقده الثقة بنفسه وبمن حوله اجتماعيا ومؤسساتيا ودوليا؟

كيف ولماذا تحول الفن من رسالة تسعى للارتقاء بذائقة المشاهد الى ماكنة تشويه وتدمير انسانية المتلقي؟

انتشار وسائل التواصل "الاجتماعي" وكثرة القنوات الفضائية أدّت لارتفاع اعداد شركات الانتاج وعدد مقتحمي مجال التمثيل خاصة ممن لا علاقة لهم ولهن به سوى بوجه جميل فاقد الاحساس وقوام رشيق، بالمقابل ارتفع عدد كتاب السيناريو والعاملين بالديكور والاضاءة والمكياج وغيرها من مهن لن يرى المسلسل الضوء من دونها أثبت ممتهنيها أنهم الحلقة الأقوى رغم بقائهم في الظل.

من جهة أخرى بات واضحاً ارتفاع نسبة المشاهدة لأسباب شتى لست بصددها هنا.

المسلسل كعمل فني يطرح القضايا من خلال التجسيد الدرامي والأداء التمثيلي لا بد وأن لمنتجيه وطاقم عمله فكرة أو هدفاّ يسعى لإيصاله للجمهور مع احترام تباين أعمارهم، انتماءاتهم، تنوّع اهتماماتهم، درجات ثقافاتهم ووسع مداركهم التي تؤدي لاختلاف الاسقاطات وردود الفعل كما استحسان العمل أو الابتعاد عنه ليخرج كل مشاهد بانطباع عام عن العمل كفحوى وكأداء وغيرها من النقاط.

قبل عدد من السنوات كان السباق الرمضاني بمثابة مسابقة فنية جميلة دمجت وجمعت بين ثلاثة أنواع من المسلسلات الي قدّمت بقالب احترم معظمها عقل المشاهد في حين كان عدد الأعمال الرديئة الضعيفة قليلاً، قبل سنوات كان التنافس المهني بين المخرجين ايجابياً فنياً مقارنة مع ما نشهده اليوم، كما كان التنافس على ـشده بين الممثلين حتى القديرين منهم لاختيار العمل الجيد وتجسيد الشخصية بحذافير تفاصيلها، وهذا ما لم نعد نشهده اليوم للأسف، فقد بات التنافس على أمور أخرى بعيدة عن رسالة الفن الأصليّة للأسف.

انطلاقا من كون المسلسل أقوى وسائل التأثير بغية التغيير، حضور المسلسلات البارز واقتحامها الشاشات والبيوت مع وبدون استئذان، ونسبة المشاهدات الكبيرة لا بد وأن تكون وسيلة "اصلاح" مجتمعي وانساني تعرض السلبي بهدف تغييره للأفضل وتؤكد على الايجابي بغية تذويته وترسيخه بالأفكار والعقول والأحاسيس، أتمنى لو يقف كل منّا وقفة المشاهد المنتقد والمتفحّص لما يقدّم له محاولاً الابتعاد عن كل ما هو مشوّه سيدمّر أولاده عاجلاً أم اّجلاً.

الفارق شاسع بين المنشود والموجود، خاصة مع تغيّر المنشود كليّاً بات الموجود مقيتاً مدمراً.

من المنتفع من انبهار المشاهد بشخصيّة كجبل شيخ الجبل مثلاً؟

من المستفيد من تعاطف المتلقّي مع شخصيّة مثل المعلّم صافي بمسلسل 2020؟

لماذا بات الجمهور ينتظر عنف محمد رمضان كل عام؟ وعنف رامز وجنونه المثير للغثيان؟

كيف ولماذا أصبحت الخيانات على أنواعها وجهة نظر؟ بل باتت تفصيله تمر مر الكرام بالمسلسلات العربية بل يسعى العمل لتعاطف المشاهد مع الشخصيّة الخائنة وجعلها في المركز؟

للمخرج والمنتج رسائل للمشاهد، يوصلها من خلال الكلمات، الصور، الألوان، نبرة الصوت، لغة الجسد وتعابير الوجه، الرموز، الطعام والشراب، الديكور، سلوك الممثلين، الخلفيات، الجمهور الثانوي وغيرها من العناصر ذات أهداف ورسائل مبطّنة، في هذا الموسم تحديداً نفتقد لمعظم هذه الصفات في معظم المسلسلات للأسف، فقد بات البرود والركود الشعوري والتعبيري هو سيد الموقف. غنها وسيلة جديدة لتحويلنا إلى دمى لا تكترث لما يدور حولها لكائنات لن تعنيها بعد اليوم هموم الشأن العام وينحصر اهتمام كل شخص بنفسه وبمصالحة الماديّة بالدرجة الأولى والأخيرة.

ترى؟ هل سيدرك المنتجون والمنتفعون من جرّاء اسقاطنا بالهاوية أنّه لا زال بيننا بعض الأذكياء؟ بعض من لم يفقدوا بوصلتهم؟ وأنّه من الممكن أن تدور العجلة من جديد ويفقد المنتفعون قوّتهم؟ أم تراهم واثقون تماماً أنّ صوت الواعين والمدركين لواقع الحال بات أضعف من أن يُسمع بل أضعف من أن يحاولوا رفعه بوجه أحدهم؟

فإلى أين نحن منقادون معصوبي الأعين وإلى متى هذا الصمت؟؟؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى