السبت ٢٠ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٧
بقلم فاروق مواسي

دعونـــا نصحب اسم (رلى)!

ذهب مؤلفو معجم أسماء العرب (موسوعة السلطان قابوس ج 1) إلى أن الاسم هو تحريف إما للاسم ماري؛ حيث أن هذا اللفظ هو " أحد الصيغ اليونانية لماري "، أو أنه تحريف للاسم اللاتيني ( ريجبولا ) - وهو يعني (حاكم) (انظر ص 696) " وليس ذلك بصحيح في رأيي .
إذ أنني أكدت في نقاش مع المرحوم إميل حبيبي حول الاسم نشرته في الاتحاد (عدد 11/8/1983)، أن (رلى) هي قبيلة عربيه من قبائل عَنَزَة، واللفظ محرّف عن ( الرّواله) ، والبدو - كما سأذكر -يلفظونها الرْوَلَة ( دون لفظ اللام الأولى) . وقد جاء الشاعر قيصر المعلوف ( ت.1960 ) ، وجعلها (رلى) لضرورة الشعر، وذلك في مطلع قصيدته :

رلى عرب قصورهم الخيام ومنزلهم حماة فالشآم

وهو ليس وحيدًا في التحوير ، فثمة تغييرات تطرأ على الأسماء لدى الشعراء، فأرسطو طاليس يصبح في شعر المتنبي رسطاليس :

من مبلغ الأعراب أني بعده قابلت رسطاليس والإسكندرا

وشوقي يستخدم ( الخراســِــني ) بدل ( الخراساني )

......وقس على ذلك الكثير مما تلزمه الضرائر الشعرية.
وقد ورد الاسم ( رولة ) في كتاب جواد علي - المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج 1 ، ص 25 ، لكنه لم يشكل اللفظة . وقد تهجّأ لي - وعلى مسمعي- أحد شيوخ البدو ، ولفظها : " رْوَلـَـــه " ، ولا غرابة أن البدو يحرفون اللفظ مع ميل للبدء بالتسكين ، وذلك في كثير من لفظهم .
وأيًا كان الأمر فإن قيصر المعلوف استعمل ( رُلَـــى ) ، وحافظ على موسيقية البحر الوافر، ومن ثم خلق رمزًا؛ إذ تعتبر القصيدة ( رلى ) رمزًا لعرب أمجاد أقحاح – أصحاب وفاء وشهامة ونبل . ونحن لا نسأل - علميًا - إن كانت القبيلة حقًا بهذه الأوصاف التي خلعها الشاعر ، وإنما يهمنا الرمز فيها - هذا الرمز الذي اكتسب دلالة الأسطورة ، فأعجب الناس بهؤلاء العرب ، وسموا بناتهم باسم القبيلة التي أكسبها الشاعر دلالات رمزية وأسطورية .

ولما كان الوزن لا يستقبل الاسم - كما أشرت - فقد أجاز الشاعر هذا التحريف لنفسه وخلق اسمًا جديدًا . أما (الأرولة)- هكذا يوردها أحمد وصفي في كتابه عشائر الشام فقد وصلوا إلى بلاد الشام في أوائل القرن الثالث عشر الهـجري. وذكر في كتابه أن الرحالة السويسري بركهارت (1224هـ) ، قال عنها: إنها حاربت جيشًا حبشيًا مؤلفًا من ستة آلاف جندي أرسله باشا بغداد وغلبته. وقال إنها كانت تنزل البادية من جبل شمر إلى جنوبي حوران، وأن خيلها كانت أكثر من خيول سائر العشائر .

ومما يذكر في تاريخ (الرولة) أن خديوي مصر عباس باشا الأول بن طوسون أرسل أحد أولاده إليهم ليتمرّن عندهم على الخشونة والفروسية- وذلك اقتداء بالخلفاء الأمويين (انظر كتاب عشائر الشام ص 370-ص372) .
وضربت العرب بهم المثل في الكثرة والجلبة والتماسك والتناصر، فقالوا مثل العرب أروَلي (انظر كتاب : حسين لوباني- معجم الامثال الفلسطينية ص 752).

ومن الاجتهاد في معنى الاسم أن (الروال) هو اللعاب، وخاصة لعاب الخيل. و(الـمِـرْوَل) الرجل كثير اللعاب. ولعل كلمة ( الروالة) تشير إلى هذا المعنى لكونهم لا تجف حلوقهم فزعًا أو خشية. وقد يكون الاسم مستقى من ( مِـرْوَل ) بمعنى كثير التحصن ( انظر: تاج العروس مادة رول ) ـ، ولن أتعسف تفسيرًا آخر ، فربما يكون هذا بسبب أحلّها في موضع ذم ( راجع معاني الكلمة ) ، وربما لم يكن اللفظ عربيًا أصلاً .

ومع ذلك ، فمن المتفق أننا قبلنا الاسم رمزًا للأصالة والعروبة ، فلماذا لا نقبل – تبعًا لذلك - أن يكون المعنى الأصلي لاسم القبيل أما إملاء الاسم فغالبًــا ما يكتب ( رُلى )، وبعضهم يكتبه ( رلا ) أو ( رولا ) – وأنا أرجح الأول . وأيًا كتبنا فإن الاسم ظهر فقط في أسماء أعلامنا الإناث بعد اشتهار القصيدة التي نظمها قيصر المعلوف، وقد سميت به كثير من الإناث تمجدًا بالقبيلة الموصوفة بالبطولة والإباء.

لمطالعة تحليلي لقصيدة " رلى عرب " أو " عليا وعصام " يُنظر في الرابط :

http://www.arabmail.de/faruq_mawasi23.08.04html


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى