الأحد ١٢ آذار (مارس) ٢٠٢٣
بقلم وهيب نديم وهبة

ربّمَا كانَتِ الصّحراءُ قميصي...

قَمَرٌ
فوقَ السَّرابِ
هوَ السَّرابُ رَسْمٌ على نُحاسٍ
رَسْمٌ على اسمٍ على وَشْمٍ على إيقاعٍ
يشدُّني إلى بُزوغِ الْفجرِ الْآتي
مِنْ سَراديبِ الظّلامِ

لوحُ وصايا للنّبي، نَقَشَ الْكتابةَ
فوقَ كُثبانِ رمالِ الصّحراءِ
وكلّما أشرقَتْ شمسٌ
تراءى للْقادمِ أنَّ نَبِيًّا يسيرُ هُناكَ

اِهبِطْ مِنْ عُلاكَ
كيْ تراني كيْ أراكَ
كيْ تُدرِكَ مدى عُمقِ السّكّينِ
في قُربِ الْمسافةِ
مَساحةِ الْجُرحِ
إنَّ التّاريخَ يتقمّصُ ثانيةً
في رَحمِ الْأرضِ

اهبِطْ كالْوحيِ قليلًا أوْ كثيرًا مِنْ عُلاكَ
ذاكرتي قميصُ دَمٍ
يَجري تحتَ حوافرِ خيلِ
"داحسَ والغَبْراءِ"
لكَ يا عُديُّ بنُ ربيعةِ التّغلبيُّ
"حربُ الْبسوسِ"
ويَدخُلُ في سيفِ "الشّنفرى"
مِزاجُ الرّملِ في غضبِ الشّمسِ
ونَقمةُ الْإعصارِ في أوجِ الدّمارِ
لكَ زجاجُ الْقلبِ مرآةُ الْبدويِّ
الصّبرُ والْكرامةُ وعِزّةُ النّفسِ وَالْمُرُوءَةُ
لكنّ التّاريخَ يتقمّصُ ثانيةً
في رَحمِ الْأرضِ تلكَ هيَ اَلْمَأسَاةُ
تلكَ هيَ اَلْمَأسَاةُ...
كُتلةٌ منَ الْخطايا...
تجمَّعَتْ كزانيةٍ في غريزةِ الْجسدِ
وصعِدَتْ إلى شرايينِ الْيدَيْنِ
قتلتْ دمَّرَتْ حطَّمَتْ...
مدائنَ الْحريرِ اَلْمُعَلَّقَةِ في خيالِ السّماءِ

كلُّ شيءٍ ها هُنا
يأخذُ مِنّي خُطوَتي إلى الْأمامِ
أهْبِطُ منْ سماءِ الْكلامِ إلى
"الصّحراءِ الْغربيّةِ".

جنوبًا على اَلْمُحِيطِ الْأطلسيِّ "
الْمغربُ الْعربيُّ"
جنونًا على عشقِ "الْعيونِ"
تأتي صَبيّةٌ من جُزُرِ الْكناريا في اتّجاهِ النّظرِ
تأخُذُني في دفءِ عاشقةٍ إلى "السّاقيةِ الْحمراءِ"
بَصَماتُ عَبَقِ التّاريخِ يفوحُ هناكَ في الشَّمالِ
يَدِي ما عانقَتِ الرّيحَ
كانَتْ تَنْزِلُ عندَ خَصْرِها إلى
"وادي الذّهبِ"
وترتفعُ يدي وأنا في الْجنوبِ
وهي تَدخلُ إلى منطقةِ "الدّاخلةِ"
أنتِ لي...
أنتِ لي...
مدينتي الْقادمةُ منْ إسبانيا

أدخلُ شفافيةَ اللّغةِ الْعاشقةِ
"الصّحراءُ الْغربيّةُ"
قطعةٌ منَ السّماءِ
لا تعرِفُ اَلْمَغِيبَ
تكونُ عندَ الْمَسَاءِ
شمسًا قمريّةً تفرُشُ جدائِلَها
جَديلةً جَديلةً فوقَ الْبحرِ
هيَ اَلْمَغْرِبُ...

هيَ اَلْمَغْرِبُ...
لا تنامُ حينَ تغْلِقُ بابَ الْفجرِ
تفتحُ للْفجرِ الْآتي بابًا
لا تدخلُ منْهُ
بلْ تُخرِجُ جِراحَ الْأمسِ

أدخلُ في بوتَقةِ الزّمنِ الْحاضرِ
وأنا الْهاربُ منْ زمنِي
الدّاخلُ في جلدي
أبحَثُ عنْ موطنِ قَدَميَّ
مِنْ أوّلِ أسفارِ الْعشقِ في التّكوينِ
مِنْ أوّلِ أخبارِ التّكوينِ في صورةِ تكويني
كانَ عالَمي أوسعَ
مِنْ مدى بصَري
أبْعَدَ مِنْ مَرمى يدِي وأكبرَ منْ جسدي
يُضيقُ هذا اللّيلُ قَميصي كثيرًا على بَدني
ربّمَا كانَتِ الصّحراءُ قميصي...
لا...
لا... هيَ الصّحراءُ
لا... لا يَكذِبُ نجمي
كنْتُ أوّلَ الدّاخلينَ
وآخِرَ الْخارجينَ
لا يكذِبُ نجمي...
لا يكذِبُ نجمي...

أوْدَعَني النّجمُ السّرَّ
في مُكاشَفَةِ الصَّحراءِ
في غَيَاهِبِ فَلَكي
قِطعةٌ مِنَ السّماءِ سقَطَتْ وكانَتِ...
"الْمَغربَ الْعربيَّ"

المقطع من المطولة الشعرية "خطوات فوق جسد الصحراء / الطبعة الثامنة 2021"


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى