السبت ٢٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٨
بقلم عبد النبي حجازي

رسالة الغفــــران

منذ الإعلان عن انعقاد مؤتمر (حوار الأديان) بدأت بعض الأصوات (المؤازرة!) تمهّد لإعادة النظر في القضية الفلسطينية وما يتكبده (العرب) من أجلها.. منقلبة على مواقفها السابقة المعروفة عنها، وطفقتْ أصوات أخرى تضع سورية نصب عينيها.. فما رأيكم بشخص ولد في بلد عربي ونشأ في بلد عربي آخر ودرس في أمريكا، وهو يعمل الآن في بلد عربي ثالث، ويحمل ثلاث جنسيات إحداها أمريكية ينقضّ (الآن!) على سورية انقضاضاً ملطّخاً بالافتراءات وهو لم يزرها مرة واحدة.

يتحدث ذياك الشخص عن عزلة سورية (المطبقة!) متعامياً عن هذه المؤتمرات التي تعقد الآن في دمشق بمشاركة الآلاف من المفكرين العرب والمسلمين والأجانب لمؤازرة أبناء فلسطين السليبة في تمسكهم بحقِّ العودة الذي تنازل عنه بعض أشقائنا العرب (نيابة عنهم) متعامياً عن العلاقات السورية النشطة مع الاتحاد الأوروبي ودول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. لقد أقضّ مضجع ذياك الشخص وأمثاله أن سورية لا تخفض رأسها وترتمي في أحضان أمريكا وإسرائيل كي تفوز بلقب (معتدلة) كما فعل (المعتدلون العقلاء) ويتهمها بالقمع، وكمّ الأفواه، وانعدام الديموقراطية متخذاً مثالاً من المرأة السورية المظلومة! يتحدّث عن حقوقها المسلوبة كأن تُعطى الموظفة راتباً يساوي نصف راتب الرجل، وعن حبسها في بيتها، وعن حرمانها من حق التعليم وعن كثرة ضحايا الشرف من النساء، وعن التحرش العلني بهن في الأسواق والأماكن العامة وعن ارتفاع نسبة العنوسة، وعن انتشار (بائعات الهوى!) ويسترسل ذاك الأشوه فيتكلم عن الدخول المتدنية فيورد مثالاً عن الأجور أنها بين (2500ـ 5000) ونحن نعلم أن الحد الأدنى للرواتب في سورية هو (7000) ليرة سورية لحملة الشهادة الإعدادية (الفئة الثالثة).

لست في موقع المسؤولية، ولامرشحاً لها، ولاطامحاً إليها، ولكن باعتباري
كاتباً وإعلامياً وضعت حياتي الخاصة على الرف بمحض اختياري، لأنني لاأستطيع أن ألوذ
بالصمت في هذا الزمن الملطخ وأنا أرى إلى العهر السياسي الذي تحدرنا إليه مجسداً في هذا
الذي يلصق بسورية تهماً كما هي في غيرها من دول عربية أخرى.

يُقال "لاحرب بلا مصر ولا سلام بلا سورية" أإذا نامت الحرب في خدر أمها وغدا السلام موقفاً استيراتيجياً واننزلقنا مرغمين إلى حرب أشد ضراوة، حرب إعلامية وديبلوماسية غير متكافئة، فهل نقفز دفعة واحدة إلى (حوار الأديان) كما يتهاوى الفراش على النار لنقدمها هدية إلى دبليوبوش الذي دمر أفغانستان والعراق ولإسرائيل التي تحاصر غزة بأيادي ملوثة بالدماء؟ هل نزج أنفسنا بتظاهرة إعلامية سياسية نقترفها كمن ابتلي بالمعاصي فاستتر بمحاولة التعتيم على وسائل الإعلام، وتوجس من التصوير التلفزيوني خلال انعقاد المؤتمر؟

وأخيراً هب أن تلك الطروحات: حرب، مصالحة، تطبيع.. نقاط خلاف بين الحكام والشعوب فكيف يجوز لنا أن نعد الخلاف في القضايا الجوهرية المصيرية مثل الخلاف بين الشوافعة والأحناف على وجوب النية قبل الغُسل؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى