الأربعاء ٥ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٢٢
بقلم علي بدوان

«سييرت متكال» والكلاب المفخخة

يوم 9/12/1988، وقبل ساعة من الفجر، تسلل كوماندوس "إسرائيليون" عبر قوارب (دبور البحرية) إلى الطريق الساحلي بين بيروت وصيدا، وتحديداً الى (احراش بلدة الناعمة) حيث معسكرات وانفاق الفصائل الفلسطينية، في عملية مدروسة، استخدم فيها جيش الإحتلال، وتحديداً الوحدة المنتخبة، وحدة هيئة الأركان (سييرت متكال)، كل التقنيات والوسائل المساعدة، بما في ذلك الإستعانة بــ "الكلاب المفخخة" السوداء اللون، في الظلام، بعد تلغيمها، بهدف دفعها للدخول الى المواقع العسكرية والى نفق القيادة العامة الأساسي وتفجيرها داخل الأنفاق وعن بعد، لكن حراس الكمائن من الفدائيين أطلقوا النار على الكلاب المسرعة التي ظهر منها ضوء أحمر صغير يركض فأردوها.

تَحَرَكَ "الإسرائيليون" من وحدة هيئة الأركان (سييرت متكال)، للهجوم المباشر بعد فشل الخطة، ومقتل الكلاب المفخخة، فووجهوا بغزارة نيران لم يتوقعوها، وبدأت عمليات القنص وتبادل النيران حتى طلوع الشمس. وهو مادفع بالقيادة "الإسرائيلية" لإشراك سلاح الجو بقصف المواقع، بمشاركة أكثر من ستين طائرة، كانت تهاجم كل دقيقة، وترمي عشوائياً برشاش ال 800m على مواقع محصنة ومموهة جيداً.. وذلك بهدف تأمين التغطية النارية لسحب وحدة هيئة الأركان (سييرت متكال). بعد فشلها، وهو ماتم أخيراً حيث استطاع جنود وحدة هيئة الأركان (سييرت متكال) من الإنسحاب، بعد أن تركوا أسلحتهم وعتادهم خلفهم دليلاً على هزيمتهم وفشلهم.

في هذه الأثناء، تجمعت اعداد جيدة، من المراسلين والصحفيين، ومندوبي وكالات الأنباء العربية والعالمية، في مكتبي في ساحة الشهبندر بدمشق، ومنذ صباح اليوم ذاته، بغرض اعطائهم تصريحات وتحليلات سياسية، ومعلومات عن واقع ماحصل في الإغارة "الإسرائيلية" على الناعمة. فالجبهة الشعبية/القيادة العامة رفضت وطلبت منهم التريث لوقتٍ أخر. وكان من ابرز المراسلين : وكالة الصحافة الفرنسية (جوزف غازي والياس طعمة)، وكالة رويتر (مالك الحسيني وعصام حمزة)، مراسلي مونتي كارلو (لويس فارس ونبيل المعلم، وسمير درويش)، مراسل وكالة اسوشيتدبرس (أدمون خليف)، مراسل شبكة (WTN) للتلفزة البريطانية (جورج صليبا)، مراسل شبكة (CBS) الأمريكية للتلفزة مدير مكتبها بدمشق في حينها (طريف ظافر العظم)، ومراسلة هيئة الإذاعة البريطانية (سلوى اسطواني) ومعها من هيئة الإذاعة (تيم لولن)، وشبكة (CNN) والصحفية من الشبكة (فورينيك تافو)، تلك الشبكة التي كانت لتوها قد بدأت البث عبر الأقمار الإصطناعية، بينما لم تكن في حينها أي فضائية عربي تبث عبر الأقمار الإصطناعة...الخ. والمراسلة الفرنسية (فرانسواز شيبو)، والصحفي الفرنسي ومراسل اللوموند في الشرق الأوسط (كلود لوريو)، والإيطالي فرانكلوتشي، والصحفي الفرنسي (لوسيان بيترلان)، عدا عن الإتصالات الخارجية من وسائل الإعلام، ومن عددٍ لابأس به من الصحفيين العرب والأجانب ممن كنت قد تعرفت عليهم في مسارات عملي الإعلامي.

استشهد في معركة الدفاع والتصدي للوحدة المنتخبة من جيش الإحتلال، المُسماة وحدة هيئة الأركان، الصديق، الشهيد أبو جميل عدنان جميل عبود، ابن مدينة صفد، وابن مخيم اليرموك، واحد ابطال الصمود في ملحمة حصار بيروت، واستشهد معه اثنين من المقاتلين رحمهم الله جميعا. وقتل في الوقت نفسه قائد الهجوم "الإسرائيلي" العقيد (أمير ايتال) وعدد من اعضاء وحدة هيئة الأركان مع كلابهم المفخخة.

عدنان عبود (أبو جميل) ابن اليرموك، الصفدي الفلسطيني الأصيل، صاحب الطول الفارع والبنية الجسدية القوية، وأحد ابطال صمود بيروت، أثناء الحصار، حين كان من خيرة الناس واشجعهم في الحصار، وقد أقسم أثناء النزول مع نحو أربعة آلاف من المقاتلين من السفينة التي وصلت الى طرطوس من بيروت، على المضي قدماً على الطريق لفلسطين، وردد المقاتلين معه الموقف اياه وبالصوت الجهوري. بالروح بالدم نفديك يافلسطين ... ومعها المتوالية التالية التي يجري ترديدها مُلحنّة بالجيش ... حيفا .. يافا ... عكا ... زمجر ...زمجر .. بغضب ... وانتقم من اعداء بلادي ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى