السبت ٩ نيسان (أبريل) ٢٠٢٢
بقلم إنتصار عابد بكري

شاكر فريد حسن

قال تعالى:"يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي”.صدق الله العظيم.

بغياب الكاتب والصحفي المرحوم شاكر فريد حسن ابن مصمص الفلسطينية الجمعة 08/04/2022،والملتزم يفقد العالم العربي ويخسر شعبنا والمشهد الثقافي واحدا من أعمدته الصادقة كقامة أدبية رفيعة المستوى.
لقد ترك الكاتب شاكر فريد حسن بصمة بارزة على مسيرة الأدب والثقافة الفلسطينية، فكان عطاؤه ثريا ومثريا فهو فارس الكلمة والموقف الأصيل اذ استعجل الرحيل في شهر رمضان المبارك فآنسه الله.
واكب وتابع الإصدارات المحلية واستعرضها بقلم متواضع ولبق حيث أظهر جماليات كتابية لكتاب وقام على تشجيع الاقلام الواعدة وأبرز كتاب دون هدف او غاية ليعطي للصرح الأدبي التعرف على كتاب كثيرون.

عن حياته: صحفي وكاتب فلسطيني مقيم في فلسطين.. السيرة الذاتية ولد في التاسع والعشرين من آذار 1960 في قرية مصمص بالمثلث الشمالي، نشأ وترعرع بين أزقتها واحيائها وشوارعها، أنهى فيها تعليمه الابتدائي والاعدادي، والتعليم الثانوي في كفر قرع. لم يواصل التعليم الجامعي نتيجة الظروف والاوضاع الاقتصادية الصعبة حينئذ. التحق بسلك العمل واشتغلت بداية كساعي بريد في قرية مشيرفة، وفي بقالة بمدينة الخضيرة، ثم في الأشغال العامة، وفي مجال الصحافة مراسلًا لصحيفة الاتحاد الحيفاوية، ثم تفرغ للعمل الثقافي والكتابة. شغف بالكلمة وعشق القراءة ولغة الضاد منذ صغره، تثقفت على نفسي وقرات مئات الكتب والعناوين في جميع المجالات الأدبية والفلسفية والاجتماعية والتراثية والفلسفية، وجذبته الكتب الفكرية والسياسية والتاريخية والبحثية والنقدية. وكان ليوم الأرض ووفاة الشاعر راشد حسين أثرًا كبيرًا على تفتح وعيه السياسي والفكري والثقافي. وكان عضوًا في لجنة احياء تراث راشد حسين، التي عملت على اصدار أعماله الشعرية والنثرية وإحياء ذكراه. وكذلك عضوًا في اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين برئاسة المرحوم سميح القاسم. بدأ الكتابة منذ نعومة اظفاره، ونشر أولى محاولاته وتجاربه الكتابية في مجلة "لأولادنا"للصغار، وفي مجلة"زهرة الشباب"للكبار، وفي مجلة"مجلتي"، التي كانت تصدر عن دار النشر العربي، بعدها نشر في مجلة المعلمين"صدى التربية"وفي صحيفة"الانباء"ومجلة"الشرق"لمؤسسها د. محمود عباسي، وفي مجلة "المواكب". بعد ذلك تعرف على الصحافة الفلسطينية في المناطق المحتلة العام 1967، وأخذت ينشر كتاباته في صحيفة "القدس"و"الشعب"و"والفجر"و"الميثاق"، وفي الدوريات الثقافية التي كانت تصدر آنذاك كالفجر الأدبي والبيادر الادبي والكاتب والشراع والعهد والعودة والحصاد، ومن ثم في صحيفتي "الأيام" و "الحياة الجديدة. هذا بالإضافة إلى أدبيات الحزب الشيوعي"الاتحاد"و"الجديد"و"الغد". وكذلك في صحيفة القنديل التي كانت تصدر في باقة الغربية، وفي الصحف المحلية"بانوراما"و"كل العرب" و"الصنارة" و"الأخبار" و"حديث الناس" و"الآداب"النصراوية التي كان يصدرها الكاتب والصحفي الراحل عفيف صلاح سالم، وفي طريق الشرارة ونداء الأسوار والأسوار العكية ومجلة الإصلاح، وفي صحيفة المسار التي اكتب فيها مقالًا أسبوعيًا، بالإضافة إلى عشرات المواقع الالكترونية المحلية والعربية والعالمية ومواقع الشبكة الالكترونية. تتراوح كتاباتي بين المقال والتعليق والتحليل السياسي والنقد الأدبي والتراجم والخواطر الشعرية والنثرية. وكنت حصلت على درع صحيفة المثقف العراقية التي تصدر في استراليا.

كما كتب في مقاله 20/12/2017 انتصار عابد بكري شاعرة وكاتبة قصصية فلسطينية، لها اهتمام بالكتابة للاطفال، وصدر لها عدداً من الكتب في هذا المجال.

استرعت انتصار انتباهي بكتاباتها الأدبية، الشعرية والنثرية، الانسانية والواقعية، البسيطة السهلة الممتنعة، الواضحة، غير المبهمة، بلا طلاسم، المكتوبة بلغة مألوفة قريبة من الذوق الشعبي العام.

وكنت قرأت لها الكثير في صحيفة"الاتحاد"العريقة، وفي مجلة"الاصلاح"الثقافية الشهرية التي تصدر في عرعرة عن دار"الأماني"، وفي موقع"تلسقف"العراقي، و"بانيت"المحلي، وسواها من المواقع الالكترونية المختلفة.
انتصار عابد بكري من مواليد قرية البعنة الجليلية، قضاء عكا، في الثلاثين من كانون أول العام ١٩٧٣، وهي غزيرة الانتاج، تكتب القصة القصيرة والشعر والنثر والخاطرة الأدبية في موضوعات شتى مستقاة من الحياة والهموم اليومية التي تجتاحنا، وتحمل الطابع الانساني الوجداني العاطفي الوطني الواقعي.

انها كتابة شعرية وابداعية تصدر عن روح مرهفة ونفس هادئة ذات سجية حية، وتأتي من قلب اللحظة الشعرية، تفيض عاطفة وتضطرم احساساً صادقاً وفناً في الرصف والنسج الشعري، بعيداً عن الصناعة والتكلف.
انتصار بكري شاعرة وكاتبة مخلصة لفنها الابداعي لما تؤمن به من رؤية خاصة للأدب والحياة، ومن هنا جاء اصرارها على الا تخرج عن طريقتها الكتابية الخاصة القريبة من نبض ولغة الناس، والاحتفاظ بصفاء روحها ونفسها وسجبتها الجليلية الطيبة، وقدرتها على مغالبة المصاعب الكثيرة التي تحيط بحياتها.

انتصار عابد بكري تنطلق في مقطوعاتها الشعرية والنثرية حرة طليقة من كل قيد، وبعيداً عن أي هدف الا التعبير الخالص عن جمال الحياة، فهي وجدان ممتلىء بالصدق والحيوية والنشوة حتى في احزانها واشجانها وانكساراتها الروحية التي نستشفها بين تعابير كتاباتها، ولعل سر نجاحها يتلخص في كلمتين هما"الصفاء"و"البساطة"، ففي عالمها الفني لا يصطدم القارىء بألفاظ خشنة غامضة صعبة الهضم، ولا بصور باهتة أو مغلقة أمام العقل والقلب.

انها شاعرة وكاتبة بعيدة كل البعد عن الصخب والضجيج، وتمتاز بالنغمة الحنون في زمن القسوة، والعاطفة البسيطة في عصر التعقيد والعنف، والموسيقى الهادئة المنسابة في عصر الصخب، وصوت الناي يين أصوات الطبول والدفوف العالية، ولنسمعها في قصيدة"سكر"، حيث تقول:

زهر
وسكر أريد
حتى أخمر
من وجنتيك
وخد أحمر...
أكرمي فأريد أكثر
لا تظني أني أتحشر
لكن القلب يتحسر
لأنه محروم
من شرب
ماء الورد الذي
هناك أزهر
فعندما أخرف
جف واختصر
دفئاً
كان على الخاصرة ينثر
واليوم،
اتركيه عذراً ليس أمراً
سيورق
اتركيه يخضر
بماء
فعلى كتفيك يحلو
ويكبر
زهر أخضر
فيه الحياة تشرق
وتصبح سكر

انتصار عابد بكري ذات حس أدبي وشاعري جميل، واسلوب كتابي عفوي عذب، وهي لا تعيش محصورة بين جدران الذات والهموم الخاصة، فالوطن وهمومه دائماً في قلبها، انها تحكي عن أحوالها الروحية وتبوح بمشاعرها واحاسيسها الوجدانية والوطنية في آن، فبينهما وحدة عضوية وجدلية لا تنفصم.

انتصار عابد بكري شاعرة عودتنا على القصيدة الهادئة ذات الابعاد والايحاءات العميقة، والكلمة الشفافة السهلة، والعبارات التي تحفل بالالفاظ والمعاني الرشيقة السلسة الجميلة والدافئة، فلها مني أجمل واصدق التحيات، مع أطيب التمنيات بدوام الكتابة والنشر، والمزيد من الابداع والتطور والعطاء واثراء التجربة وملكة الشعر.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى