الجمعة ٢٩ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
بقلم حسن الشيخ

شيعة الخليج وازدواجية المعايير

حسن الشيخ *

بعد انتهاء أصوات المدافع ، وقصف الحرب اللبنانية الاسرائيلة . بدأت حرب المعترك السياسي في كل من الدولتين المتحاربتين . واذا كانت معركة السياسة في إسرائيل بين الفرقاء ، لتحديد أسباب الحرب ونتائجها وخسائرها ، فان المعركة في لبنان بين الفرقاء لتحديد من بدأ الحرب ؟ ومن هو المسئول عنها ؟ الدولة ام الحزب ؟

وينقل لنا المحللون ان معركة إسرائيل تبحث عن أسباب الفشل ؟ وفي لبنان ، من يقطف ثمار النصر ؟ الا ان هاتين المعركتين الداخليتين في إسرائيل ولبنان معروفتين لكل المحللين . اتفقنا معهم أم لم نتفق .

الا انه هناك حرب داخلية ثالثة . لا احد يعرف عنها . ولم يكتب احد عنها . انها حرب فرقاء شيعة الخليج . حرب على المستوى الفكري والتفكير . فشيعة الخليج التي رحبت بالأمس القريب بالمحتل الأمريكي والبريطاني للعراق . و أسمت احتلاله ثورة وتحرير . سرعان ما نسيت الجود ، والديمقراطية الأمريكية بالعراق ، لتكيل التهم لأمريكا لمساندتها لإسرائيل .
أي ان الملاك الأكبر في العراق بالأمس القريب ، تحول الى شيطان اكبر في لبنان . وتلك ازدواجية غير مفهومة عند شيعة الخليج .

فعندما يتحدث شيعة الخليج اليوم عن الملف النووي الإيراني ، تتحول امريكا إلى شيطان اكبر ، وفي العراق الى ملاك اكبر يحقق الديمقراطية والأمن والسلام ، ومن ثم الى شيطان اكبر في لبنان لمساندتها الدولة اليهودية .

تلك معركة بين النخب الثقافية في الخليج ، وبين الكثير ممن ساندوا وطبلوا وهللوا للمحتل الأمريكي بالعراق . و شيعة الخليج بالتحديد مسكونين بازدواجية صارخة ، لا يستطيعون التخلص منها . فبعد الاحتلال الأمريكي – البريطاني ، عاش الفكر الشيعي تناقضا محرجا ، بين تأييد للاحتلال الأمريكي وبين قبول بسلطة وهمية في العراق . ذلك لان شيعة الخليج كغيرهم من شيعة الكون ، يرفعون شعار التحرير ، والثورة على الظلم ، ويتخذون من الإمام الحسين ابن علي نبراسا لهم . ورغم ذلك وصفوا امريكا بالملاك الأكبر ، والمخلص الأكبر لهم في العراق . و تناسوا العداء الإيراني الأمريكي الطويل . وتناسوا حديث جابر ابن عبد الله الأنصاري عن رسول الله وهو عند قبر الإمام الحسين بكربلاء ولم تجف دماءه بعد ( من أحب عمل قوم أشرك معهم ) .

الا ان الحرب السادسة على لبنان أعادت فتح الدور الأمريكي في الشرق الأوسط الجديد . طبعا إنها معركة فكرية هزلية . بل ان البعض من رجال الدين الشيعة في الخليج الذين هللوا للدور الأمريكي ، ووصل الأمر بهم الى إصدار البيانات تأييدا لها . وتأييدا لقصفها لمرقد الإمام علي ابن ابي طالب ، وهو الإمام الأول للشيعة . و إصدار الفتاوى الدينية بأنه لا يجوز الاحتماء او الاختباء او التمترس بمرقد الإمام. و بدلا من لوم الجلاد الأمريكي راحوا يلومون الضحية على الاختباء بالمرقد الشريف .

لذالك فان هؤلاء الذين أصدروا بيانات التأييد للدور الأمريكي بالعراق ، و تأييدهم لقصف المرقد الطاهر للإمام علي بصواريخ الجيش الأمريكي ، سرعان ما أصدروا البيانات المستنكرة للدور الأمريكي بالبنان ، وأصدروا بيانات التنديد لقصف قانا .

وشيعة الخليج التي تهلل لقصف الفلوجة و تلعفر والنجف الأشرف ، نفسها الآن تتوجع حزنا لقصف بيروت وصور وصيدا ؟؟ انه لأمر محير ؟؟

ولعل ابرز صور هذه الازدواجية في المعايير عند شيعة الخليج ورجال الدين تحديد ا ، بياناتهم المؤيدة لنزع سلاح جيش المهدي بالعراق وهو موجه ضد الاحتلال ، وصراخهم الآن بالويل والثبور لنزع سلاح حزب الله وهو أيضا موجة للاحتلال .؟

فلماذا هذا التأييد الصارخ لنزع سلاح المليشيات بالعراق ، والرفض لنزع سلاح المليشيات بلبنان ؟

ولماذا قصف قانا يعد عملا إرهابيا ؟ وقصف النجف الأشرف لا يعد عملا إرهابيا ؟ ولماذا مقاومة العراق مقاومة غير شريفة ؟ ومقاومة لبنان مقاومة شريفة ؟ رغم ان كلا المقاومتين شيعيتين ؟ وكلا المقاومتين موجهتان ضد المحتل ؟ ولماذا حكومة آتى بها المحتل الأمريكي بالعراق حكومة شرعية ؟ وحكومة عبر صناديق الانتخابات في لبنان حكومة غير شرعية ؟ لا ندري حقا ؟

ولماذا أمريكا ملاكا اكبر بالعراق ؟ وشيطانا اكبر في لبنان ؟ إنها محاولة للفهم . الا ان هناك الكثير من التبريرات الواهية التي يسوقونها هؤلاء حسب مزاجهم الخاص . الا أنها تبريرات مضحكة حقا .

الا يحق لنا ان نتساءل ؟ أم ان من يتساءل سيتهم بأنه صدامي وقومي ؟ ولكن هل التيار الصدري الذي وقف أمام الاحتلال الأمريكي بالنجف الأشرف هو الآخر تيار صدامي ؟ أو تيار قومي ؟ لا ندري ؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى