الثلاثاء ٥ آذار (مارس) ٢٠١٣
بقلم مفلح طبعوني

صورٌ من تلاوين القدر

إلى الكادح حَسن عِميري «أبو ناصر»

قالَ لي يوماً حَسنْ:
انْهَزَمْنا،
ووقفنا فوقَ تلٍّ من رمادْ.
وبكينا مثلَ أيتامِ الهَلاكْ.
وسُكِبنا في عذابات المَرارْ.
نتوارى من قديمٍ جاءَ من ذاك الحَريقْ.
سيرةُ التّاريخِ كالليلِ الجحيمْ.
... ... ...
قالَ لي يوماً حَسَنْ:
هذه الحَربُ غرقْ.
ودمارٌ وأرقْ.
فحُزيرانَ خطوبٌ وَكَرَبْ.
قالَ لي يوماً حسنْ:
سنُريهم الانسامَ في عصر النُّضارْ.
ومضاتِ الشَّوقِ في وُردِ التُّرابْ.
ونريهمْ
شمسَ ثوارِ الزَّمانْ.
في قصيدِ الانتظارْ.
من جبالٍ عالياتٍ كالعنانْ.
... ... ...
قلتُ دوماً عن حسنْ:
طيبٌ مثلَ زغاريد الغَسقْ.
وحنونٌ كعيونٍ حالماتٍ بالسَّحرْ.
وقويٌّ مثلَ زيتون الجَبلْ.
عاشقٌ للقمحِ في مرج الفَرحْ.
لم يسافر لمواسمْ؛
من ذهبْ.
عاشَ في لهب التَّعبْ.
... ... ...
قال لي يوماً حَسَنْ:
نحن عمَّدنا الطُّفولةْ.
بحليبٍ من جداولْ.
ثمَّ أبعدنا الأعادي
عن ينابيعِ السَّواقي
ورقصنا مثل غزلان البَراري
في ميادين المَعالي.
قال لي يوماً حَسَنْ:
نحن لحن الشُّعراءِ.
وِنسيمِ الثَّوراتِ.
قال لي يوماً حَسَنْ:
لا تسلني عن مراسيم الفِطامْ.
سنحيلُ الجوعَ أشهى من شرابٍ وطعامْ.
قال لي يوماً حَسَنْ:
هذه الدُّنيا شجنْ.
عادَ من قلب المِحنْ.
لم يكنْ في أُفقِنا غيرُ الأملْ.
سوفَ يأتينا العَبَقْ.
من فضاءاتْ الحِمَمْ.
ويلاقحْ
زهرنا رغمَ المِحَن.
قال لي يوماً حَسَنْ:
المَواويلُ تناديني تعالْ.
نرفضُ الحقدَ نغني للوئامِ.
فهمومُ الشوقِ جفَّتْ في المَنافي.
اخذتنا نحو خروبِ بلادي.
... ... ...
قال لي يوماً حَسَنْ:
باردٌ هذا الخَريفْ.
يتنقَّلْ
بين داءٍ ودواءْ.
قال لي دوماً حَسَنْ:
لن أخافَ من تلاوين القَدَرْ.
... ... ...
قلتُ يوماً لحَسَنْ:
انتَ أيوب الأبدْ.
"وائلٌ" معكَ نزفْ.
وأخوه ضاعَ "في لمحِ البصرْ".
بين موتٍ وكمدْ.
أُمّ ناصرْ
صَبَرتْ صبرَ الخَدَرْ.
وأعادتكَ الى الحب النَّدي
رغمَ أهوال الإحَن.
... ... ...
... ... ...
قلت دوماً عن حَسَنْ:
موجها موج اللقاءْ.
بحرها بحر الجَلاء
إنّها حيفا وحيفا باقيةْ.
والعَطايا العَائدةْ.
إنّها حيفا الوُعود الصَّادقةْ.
لا تقلْ، ذابتْ وغابتْ في الغِيابْ.
لا تخفْ، حيفا ورودٌ وبقاءْ.
...... ......
صامدٌ مثلَ الشَّجرْ.
وعنيدٌ مثل رعداتٍ حبالى بالشّررْ.
وعصاميٌّ على الفكر درجْ.
يكتب التَّاريخَ كَدْحاً وعملْ.
وفقيرٌ مثلَ أرضٍ في النَقَبْ.
وكريمٌ مثلُ زخَّاتِ المَطرْ.
وحزينٌ مثلُ هوشةْ،
والكَفَنْ.
مثلَ حيفا
ظلَّ في الأًفقِِ حَسَن.
... ... ...
غاب يا يَمَّا حَسَنْ
غاصَ في النفس الألم.
وبكيتُ الحُلمَ مع دمعِ الأَنين.
... ... ...
آه ما ماتَ حَسَنْ
وإذا غابَ سيبقى حاضراً
مع مزامير الوَطنْ.
لاوِيًا عود الزَمَن.
مثلَ حيفا
ظلَّ كالشمسِ حَسَنْ.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى