الاثنين ١٦ نيسان (أبريل) ٢٠٠٧
بقلم مهند عدنان صلاحات

عفاف خلف تحكي الواقع الفلسطيني بـ"لغة الماء"

وظفت الأديبة الفلسطينية عفاف خلف في تجربتها الروائية " لغة الماء"، الصادرة عن منشورات مركز أوغاريت للترجمة والنشر 2007، لغتها الشعرية الدافئة، لتخرج برواية ما بين سياسية اجتماعية من الواقع الفلسطيني، تتناول فيها قصة "محمد العربي" أحد المقاومين الفلسطينيين في مدينة نابلس، إبان الانتفاضة الفلسطينية الأخيرة، وحبيبته "فاطمة"، مازجة الظرف السياسي، والحضور المكثف للمعاناة اليومية، بقصص الحب، التي تنمو وسط الدمار والحصار، لتتغلب على حالة الانكسار، ويكبر فيها الشعور الإنساني، لتقدمَ صورة لمن لم يعش الحدث، بأن الفلسطيني رغم الموت والدمار، يبقى قادراً على الحب والعطاء.

ورغم أن هذه التجربة الروائية الأولى للأديبة، والتي جاءت في 171 صفحة من القطع المتوسط، إلا أنها جاءت بلغة رصينة ومتقنة، وظفت خلالها شخوص الواقع المحيط، مستخدمة لغة شعرية في سرد أحداثها، إلى جانب أن خط الرواية يأتي عبر صوتان؛ صوت البطل والبطلة، وهما يرويان تفاصيل الحدث، لتضيف إلى المكتبة الفلسطينية واحدة من روايات الأدب الواقعي، بأسلوب ولغة جديدان، بالإضافة إلى استخدامها للهوامش، التي تم توظيفها لتناول تفاصيل الذاكرة التاريخية، ومنها الإشارة إلى المكان، مثل أسماء حارات مدينة نابلس ومناطقها، وأسماء شخوص من الواقع، علاوةً على تواريخ الحدث باليوم والشهر وغيرها.

ولم تكن عفاف خلف رومانسية في استعراض الواقع، بل كانت أكثر قسوة على واقعها من حدثه، فقد جسدت الحالة الفلسطينية والعربية ببطلة روايتها "فاطمة"، الفتاة المقعدة لتشير بذلك إلى الدور العربي والفلسطيني الرسمي المبتور والعاجز تجاه القضية، حيث تقول فاطمة في نهاية الرواية: "ماتت شجرة الياسمين، أحرقها القصف فلفظت آخر أنفاس الزهر رماداً أبيض، حمدت الله، خفت أن تتسرب إليها حمرة الشوارع، فينز من أغصانها الدم بدل البياض، وكأنما إجلالاً لسطوة الموت، ارتدت السواد. ذكرتني به، بموتنا الأبيض".

وهو ما تعني به الموت دون ثمن، عبر ممارسة حالة من النضال العبثي في المرحلة الأخيرة من الانتفاضة، في حين جسد "محمد العربي" لديها حالة التناقض والاختلاف بذات الوقت في الموقف الشعبي والرسمي، وجاءت لغة الرفض مباشرة وواضحة للحلول المرحلية على لسانه في أكثر من موضع في الرواية.

تقول عفاف عن روايتها: "هذه الرواية تحكي عن جانب تاريخي عاشه شعبي الفلسطيني أثناء الاجتياح الصهيوني لمدينة نابلس في نيسان 2003، حيث جاء اجتياح المدينة كمكمل لعملية السور الواقي، التي طالت الضفة الغربية وقطاع غزة، والعمل هو توثيق لهذه المرحلة، حاولت فيه مزج الواقع بأحداثه، عبر الخيال الذي وظفت فيه شخوصي، للفت انتباه القارئ من أجل الاطلاع على هذه الكارثة، التي لم تأخذ حقها في الإعلام، ولتكون جزءاً من التاريخ الذي ستقرأه الأجيال القادمة".
وتضيف خلف حول لغة الرواية: "لغة الرواية اتسمت بالطابع الشعري، ولكن ليس على حساب الحدث، فقد حاولت الاستفادة من لغتي الشعرية في هذا العمل، الذي طال انتظاره بالنسبة لي، وقد كان ثمرةً للعمل الجاد الدؤوب، لذا كان تتويجاً لمرحلة كاملة، عبرناها جميعاً، ربما عبرتنا الكثير من الخيبات، ولكن الكلمة الفصل تبقى ملكاً لمستقبلٍ لا نملك إلا أن نحلم بمن يأتي ليصنعه.
باختصار أقول ما قاله قاسم حداد: لا تثقوا بحياد الماء.".

الجدير بالذكر أن الروائية قد أصدرت قبل "لغة الماء"، كتاب نصوص نثرية مشتركة مع الشاعر الفلسطيني مازن دويكات بعنوان "حرائق البلبل على عتبات الوردة".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى