الثلاثاء ٥ نيسان (أبريل) ٢٠٢٢

عمر قدُّور يستشهد مرتين

صدرت عن منشورات المتوسط-إيطاليا، رواية جديدة للكاتب السوري، المقيم في فرنسا، عمر قدُّور، حملت عنوان "الشهيدان عمر قدُّور"، وهو عنوانٌ يدفع إلى التساؤل حولَ هذه المطابقة الاسمية بين الشهيدين في العنوان وصاحب الرواية؟

لكننا سنعرف، لاحقاً، أنَّه وبعد موت شخصين يحملان اسم الكاتب ذاته، في كلٍّ من بلدتيْ زملكا وأطما السوريتين، سيكتبُ عمر قدور هذه الرواية باعتباره "النسخة الناجية من اسمه".

هي روايةٌ تتحدَّث عن أشخاص يعرف القارئ بعضهم ولا يعرف بعضهم الآخر، وأيضاً عن شخصياتٍ قد لا تكون موجودة في الواقع بذات الأسماء المذكورة في الرواية، لكنها تتوزَّع، سابقاً واليوم، في كلٍّ من سوريا وبلدان اللجوء، تحت أسماء مختلفة وضمن تجارب وقصص وحكايا لا تنتهي...

يُبطئ عمر قدُّور هنا، رغبةَ الشهداء لنزول القبر، ويزيد من زمن المسافة إليه، وليس من المسافة نفسها، ليمنحهم الوقت ربما كي يطمئنوا على من تبقى حياً، وكي تكون الرواية شهادةً ووثيقة لأجل من استشهدوا أو غُيِّبوا.

أخيراً، تقع الرواية في 176 صفحة، من القطع الوسط.

من الكتاب:

في هذه اللحظة، أشعر بروح عُمَر قدُّور من زملكا تعانق روحي، يقول لي: لا تحزنْ، بسبب الوداع، سنهيم أنا وأنتَ معاً في الفضاء. أَلَا تُحبُّ رؤية زملكا؟ سآخذكَ، لنُحلِّق فوقها، سأُريكَ الغوطة كلَّها. لقد كنتَ طيِّباً معي، وكنتَ تأتيني بالأخبار المُفرِحة، سنتخيَّل معاً أخباراً سارَّة أخرى. سيكون لكَ بصيرة الميت، لكنْ، سأُعلِّمكَ كيف تُكذِّبها، وتحافظ على روحكَ من اليأس.

لم يكد يُكمِل كلامه حتَّى أتى ذلك الفضولي مرَّة أخرى، هذه المرَّة أتى حزيناً منكسراً. قال بهمس دافئ مبحوح: اسمي عُمَر قدُّور أيضاً، يوماً ما قد أعود لأشرح لكما كلَّ شيء. مشيتُ في جنازَتَيْكما مرَّات ومرَّات، وأعلم أنني تطفَّلتُ كثيراً على سكينة روحَيْكما، لقد حان الوقت الآن، كي أُودِّعكما.

في هذه الأثناء كان المُشيِّعون يهيلون التراب فوقي، لتسود العَتَمَة، ومع العَتَمَة راح يضيء في قلبي المؤقَّت الإلكتروني للمسجد على التاريخ الذي لن أرى غيره فيما بعد، تاريخ الزحف إلى دمشق، دمشق التي عادت بعيدة وغريبة عن شخص ميت مثلي.

عن الكاتب:

عمر قدُّور، روائي وشاعر سوري ولد في مدينة حلب عام 1966م. غادر سوريا إلى لبنان في صيف 2014، ثم إلى فرنسا حيث يقيم منذ عام 2015. كتب ويكتب بشكل منتظم مقال الرأي والمقال الثقافي والفكري في جريدة المدن الالكترونية وجريدة الحياة وجريدة المستقبل وموقع الأوان، والعديد من المنابر الأخرى. صدر له في الرواية: حواف خشنة (2002)، وأسماء للنسيان (2007)، وهواء فاتر.. ثقيل (2008)، ومن لا يعرف سيمون؟! (2013). وله في الشعر: إيضاحات الخاسر (1992)، وظلّ مائل في الظهيرة (1999).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى