السبت ١٣ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٢
بقلم تركي بني خالد

فساد الأكاديميا..!

حين يفسد الجسم الاكاديمي يكون المجتمع في خطر. بل يبدو لي أن فساد مؤسسات التعليم العالي من اخطر انواع الفساد التي تهدد مستقبل الامة. كما يبدو لي ايضا أن الفساد الاكاديمي يتحول الى ظاهرة عالمية مؤسسية وبخاصة في بلدان العالم الثالث التي يحشروننا بينها دون امل في الانعتاق.

نشهد تقلصا في ثقة الناس بمؤسسات التعليم التي يعول عليها الجميع في نقل الامة من واقع متخلف الى مراتب افضل في سلم الحضارة. وتتناقص هذه الثقة رغم زيادة اسعار التعليم وارتفاع كلفته التي يتحملها الاباء والامهات ويقتطعونها من قوتهم اليومي املا بان يكون مستقبل اولادهم وبناتهم افضل واكثر اشراقا. لكن مؤسسات التعليم العالي تخذلهم مثلما تخذل الاوطان حيث تترهل الجامعات الرسمية وتئن تحت وطأة العجز المالي والاداري. أما الجامعات الربحية فتجني ارباحا طائلة مقابل خدمات هزيلة لا تتعدى منح الشهادات الكرتونية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

جودة خدمات التعليم العالي على المحك منذ سنين ولا نرى الا مزيدا من التردي والتخبط والانحدار نحو المجهول فيما يشبه المقامرة بمستقبل الامة. فقوانين وتشريعات التعليم العالي واجراءات تنفيذة لا تتطور، ولا يدري المواطن من اين جائت. ففي غياب مبدا المشاركة والشفافية يتم صياغة الانظمة والتعليمات من قبل فئات معينة ويتم توجيهها الى خدمة مصالح تلك الفئات.

ان جميع القوانين والتشريعات والانظمة والتعليملت الناظمة لعملية التعليم العالي بحاجة الى اعادة النظر لتحريرها من قبضة التحيز والاقصاء والضبابية المقصودة اوغير المقصودة. بل ان منظومة الحوكمة الجامعية قد يكون عفا عليها الزمن وغدت بحاجة الى التحديث والتطوير لاجل مزيد من الشفافية التي ستمنع الفساد.

ياتي الفساد الاكاديمي من فساد الصياغات القانونية وطريقة اقرارها، كما ياتي من اساليب التنفيذ، ففي العالم الثالث لا قيمة للقوانين في الواقع وانما هي في الاغلب نصوص يتم التغني بها لاقناع العالم الاول بتجذر الديموقراطية غير الموجودة اصلا، او المتوفرة شكلا.

ومن مظاهر فساد الاكاديمي تعيين وايفاد وتوظيف وترقية المئات من غير المؤهلين. ومن معالم الفساد الاكاديمي انتشار وتعليم القيم الفاسدة بشكل مباشر او غير مباشر. وقد تفننت الكثير من مؤسسات التعليم العالي في بلدان كثيرة في البزنس القائم على جني الارباح من خلال بيع الشهادات او تسهيل الحصول عليها بوسائل جهنمية لا تتضح للكثيرين.

كما يتجلى الفساد الاكاديمي في اليات القبول والتسجيل واعتماد الشهادات واحتساب المواد والمساقات التي يتم تحويلها الى نقاط في كشوف العلامات. كما يتم الحصول على معدلات وعلامات في مواد الدريس من خلال العلاقات الشخصية في مجتمعات تتميز بانتشار الواسطة والتدخل الاجتماعي السريع لادنى حركة جامعية.

يتم اساءة استخدام النفوذ الاداري والاكاديمي من اجل منافع شخصية او مكتسبات فئوية. ولنتذكر أن اساليب الفساد الاكاديمي قد تكون اكثر ذكاءا. فابطال الفساد هنا لديهم من الدهاء ما يحسدهم عليه غالبية المواطنين.

ان من واجب الانسان العربي ان يتنبه الى مواطن الفساد الاكاديمي، ومن حقه أن يطالب باجرائات شفافة في كل حركة اكاديمية فالاكاديميون بشر تماما ولانهم كذلك فهم غير محصنين ضد جراثيم الفساد بانواعة المتعددة.

ان خطورة الفساد في مؤسسات العليم العالي الرسمي والتجاري تتمثل في امكان وصول اشخاص غير اكفاء وغير مؤتمنين الى مواقع قيادية في المجتمع. قهناك ظاهرة واضحة تتمثل في توريث المناصب القيادية في مختلف قطاعات المجتمع، وهناك ظاهرة الاستئثار بتخصصات معينة لصالح فئات قليلة من المجتمع، في حين يتم توزيع بعض الفتات الاكاديمي على الفقراء وابناء الارياف والبوادي ويتم نعتهم بتسميات بغيضة مثل الاقل حظا وذوي الظروف الخاصةّّّ!!

لا ادري متى كانت اخر مرة قامت بها الدولة بتطعيم مؤسسات التعليم العالي بجرعات تقيها من جراثيم الفساد!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى