الأربعاء ٢٠ آب (أغسطس) ٢٠٠٨
بقلم مسلم محاميد

فصلُ المقال

ما أوسعَ الوطنَ "الصّغيرَ"
عرفتُهُ مثلَ الزوارقِ تستبيحُ صدورَ موجٍ
واتساعاً للبحارِ، وتستريحُ على الضفافِ
على الجدارِ، وتمتطي دونَ النهارِ
الليلَ تسكنُ عندهُ
ما بينَ واقعِ جُرحِهِ، يسقيه منه دماً وموتاً قاتماً
وصدى خيالْ
ما بين لوعةِ مَنْ تشرّدَ من مداه
إلى مدىً لا يستفيقُ على الحنينِ
وليس فيه سوى الشموعِ
تفرُّ من بين الضلوعِ تعودُ للقيا على وجعِ
القلوعِ فتنتشي رغم الدموعِ، كأنها
أمسَتْ تقولُ بلوعةٍ: "أينَ السفينةُ والرّجالْ؟"
 
*****
ما أوسع الوطنَ "الصغيرَ" عرفتُهُ
مثلَ الأماني الغادياتِ
على دروبي في متاهات التشرّدِ
وانكساراتِ التمرد واشتعالاتِ التوحدِ
مثلَ نبضٍ في المماتِ ومثلَ موتٍ في الحياةِ
ومثل جرحٍ في الصخورِ ومثلَ صخرٍ في الصدورِ
ومثلَ عزفٍ في القبورِ
عرفتُهُ مثلَ المحالْ
ومياهنا قَدَرٌ تمطّى عندها وجعُ الليالي السّاهراتِ
وصوتُ تلك الأغنياتِ
تزولُ عندَكِ كلُّها
ما بينَ وجهكِ إذ يلوحُ كوردةٍ في قلب قلبي أو وريدٍ
في الفؤادِ، تزولُ لو قرّرتِ
أن تبقَيْ هنا، لا شيءَ تفعلُ –غادتي-، غيرَ الزّوالْ
 
*****
قمرٌ ستختبئُ الحياة على جناحيه المسافرِ فيهما
لونُ الحياةِ، ستسرقُ اللونَ الذي بين الجناحينِ الحياةُ
وتمتطي وجع الحقيقةِ، والإجابةَ والسؤالْ
والليلُ يُسقى في الكؤوسِ معتّقاً، كمياهِ عَيْنَيْ غادةٍ
فيها اقترابٌ منكَ من وجع الضلوعِ، وعندها كلّ الحياة
تفوحُ بسمةَ أضلعٍ، سجدَتْ
لبسمتِكِ الحياةُ تقرُّباً، قممُ الجبالْ
يا أيها الدمع الحبيسُ:ترفّقاً
فإذا سكنت القلبَ ضيفاً باقياً
وإذا سكنت العينَ لونا قاتماً
لا تفقأ العين التي خضّبتَها
لا تقتل القلب الذي ضرّمتَهُ
لا تحرقِ المُهَجَ التي قد صرتَ فيها صاحباً
ومؤانساً، ولتبقَ فيها كالصديق
ترفّقاً، دونَ احتلالْ
 
*****
ما أوسعَ الوطن "الصغيرَ"
يعانقُ العينينِ يعتنقُ المدى
ويغازلُ النجماتِ بَوْحاً يانعاً بين التلالْ
يا أيها الوطنُ "الفسيحُ" معانقاً وجه المحالْ
أيُّ احتلالٍ للعيونِ، على العيونِ، من العيونِ، إلى العيونِ
يقودُه بوحُ احتلالٍ في المدى وصدى احتلالْ؟!!
يا أيها الوجه الذي يحتلّه ألمي، وتحرقه المنافي
واغترابٌ في العيونِ ولوعةٌ بينَ السطورِ على القوافي
ضجّتْ ظلالٌ في المدى، ودت لو انّك صرتَ فيها
كالفريسة بين أنيابِ الكلابِ، كأنّها
يا موطني لن تستطيعَ ظلالُ
هذا الكونِ أن تقوى عليكْ
لن تستطيعَ الظلمة الخرساءُ أن تغشى الضياءَ
معانقاً تلك الشموسَ بمقلتيكْ
يا أيها النورُ المسافرُ شعلةً
فوقَ الظلالْ
 
*****
هتفَ النضالُ وفوق متنِ جنونه
تقتاتُ دنيانا السجينةُ تارةً
بعض الفتات من النضالْ
هتف الحنين تقرّباً
من شدو تلك الأغنياتِ ولوعةً:
"لا يستقيم الحبُّ يا وطني "الصغيرَ" عرفته
وطنَ الرجالْ
ما لم أعانقْ نورَ وجهك وجهةً
محرابَ عشقٍ ليسَ يعرفه الزوالْ"
 
*****
أماه!
يا وجهي ووجهة أضلعي
هل تبصرين النارَ تحرقُ مهجتي
وتحرّقُ الوطنَ المعانق أضلعي؟
هل تفقهين تحرّقي وتلوّعاً في الروحِ
قِبلة عاشق
سيعربد الوجع المقيم على حناياها
فيرديها اشتعالْ؟!
يا موطني!
هي قولةٌ ما قلتها إلا لوجهك ساكناً جنبيّ
إني قد عرفتُ بأنّ عشقكَ قِبلتي
فلسانُ حالي قد يزلُُّ بلفظةٍ عندَ الجوابِ
وجملةٍ عندَ السؤالْ
لكّنه بهواك يا وطني "الصغيرَ"
يقولُ صدقاً، لا ادّعاءَ ولا انتحالْ
والقولُ في حبٍّ غدا
مثلَ الغذاءِ، وكالدواءِ لمهجةٍ يقتاتُها الألمُ العضالْ
فاقَ الكلامَ جميعَهُ، حتّى غدا
فصلَ المقالْ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى