الأحد ٢٢ آب (أغسطس) ٢٠٢١
بقلم عبد السلام دخان

فعل القراءة

دخلت مكتبة "بيت الحكمة" بتطوان املا في الحصول على عمل سردي روائي، فوجدت نفسي في مواجهة مقترحات أعمال نقدية و فلسفية رفيعة، أحسست - ساعتها - وكأني عثرت على تفاصيل ازمنة مفقودة، وأحسست ان الكتاب يمنحني طاقة سلبها مني لقاح فيروس كورونا. ربما لا نستطيع اليوم نسيان حجم الألم، نتيجة سطوة كوفيد 19 على مجريات العيش، لكن لا ينبغي نسيان أهمية فعل القراءة في هذه الأوقات العصيبة؛ القراءة تمنحنا وعيا نقديا نتجاوز به العماء المحيط بنا، و مضادا حيويا يحمينا من "تفاهة" الخطابات الإيدولوجية، القراءة ليست فقط تحفيزاً للدماغ، وفاعلية للأدوار النفسية، والقدرة على نسيان الأحزان، إنها توجه نحو عوالم متخيلة فسيحة لا تحجبها إجراءات "الحجر الصحي"، و متاريس" قانون الطوارئ".

العلاقة بين الإنسان والقراءة ملتبسة، بيد ان السؤال عن طبيعة هذه العلاقة يقودني إلى سؤال آخر؛ اي كتاب ينبغي ان يقرأ الآن؟

وإذا كان الوصول إلى الكتاب (الورقي، والرقمي) ليس صعبا، فإن فعل القراءة بالغ الصعوبة لأنه يرتبط بالقدرة على إقامة علاقات بين علامات النص (الكلمات، الأصوات، العلامات النحوية)، وبين محتوى النص المكتوب، بغية تشييد فهم بمعنى النص وفق سياقاته المخصوصة، وبموجب ذلك فإن فعل القراءة هو السبيل إلى سوء الفهم. وبمعزل عن قضايا ترتبط بعلم النفس المعرفي، وبأنواع القراءة، و مكانة القارئ في علاقته بالنص، فإن القراءة تمنحنا اكتمال العالم، بدل نقصه، الرؤية بدل السراب، الثقة بدل الارتياب اليقين بدل الشك، المعنى بدل العدم، لأنها أداة لتفسير العالم، وبناء المعرفة، وتبادل الخبرات والتجارب. مسارات القراءة متعددة، وربما كانت لهذا السبب تشبه قوس قزح. وأهميتها ترتبط بطبيعة تجربتها، ونوعها، والإبستيمي الذي تنتمي إليه، ولكنها حتما في شمولية انساقها تمنحنا الحلم، وتبني جسراََ صلباََ للعبور نحو الأمل. القراءة تمنحنا القدرة على السفر من دون تغيير المكان، وضياع الزمان، وتمنحنا في الآن نفسه القدرة على الحركة في كل الاتجاهات.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى