الجمعة ١٩ تموز (يوليو) ٢٠١٩
بقلم سلوى أبو مدين

فيسوافا شيمبورسكا شاعرة المتناقضات

*حياتها

ولدت شيمبورسكا قرب مدينة بوزنان الواقعة غرب بولندا ث عام 1923م انتقلت في الثامنة من عمرها للعيش نهائياً في مدينة (كراكوف) جنوب بولندا في الفترة ما بين (1945- 1948) درست أول الأمر في قسم اللغة والأدب البولندي ثم تحولت على فرع السيسيولوجيا الذي لم تكمله.

عملت في الفترة ما بين (1953 – 1981) في هيئة التحرير الحياة الأدبية "تصدر أسبوعيا في كراكوف، نشرت مقالاتها بعنوان "مطالعات اختيارية "التي ضمتها ونشرتها في جزئين.

الشاعرة إنسانة متواضعة لا تحب الأضواء تعيش وسط نخبة ضيقة من الأصدقاء والزملاء من الوسطين الشعري والفني.

توفيت في 1 فبراير عام 2012 في كراكوف بولندا

*حياتها الأدبية:

فيسوافا شاعرة بولندية فازت بجائزة نوبل في حقل الأدب، فهي تتمتع باحترام كبير في الوسط الأدبي البولندي، حتى أنها قد اعترفت قائلة لم تجد فيما كتب عنها سوى الإعجاب بشعرها، وتوج هذا الإعجاب بمنحها لقب الدكتوراه الفخرية من جامعة بوزنان عام 1995 وجائزة القلم البولندي في الشعر عام 1996 ومنحت جائزة نوبل للشعر، فهي متميزة بلغة بنية وأسلوب القصيدة، استطاعت أن تخلق لها أسلوباً شعرياً خاص بها.

وشيمبورسكا تاسع امرأة تحصل على هذا الاستحقاق الرفيع في تاريخ جائزة نوبل عام 1966.

وبدون ضوضاء وادعاءات فارغة وتزلف، الكتابة لديها عمل شاق دؤوب دقيق ومعاناة حقيقية يقابلها متعة الكتابة التي سمتها الشاعرة في واحدة من بين أجمل قصائدها ب "فرح الكتابة" ثمة وليد منتظر حققت شيمبورسكا في شعرها بدون تكلف ولكن من خلال بنية شعرية تكاد تكون صارمة، والوحدة في التنوع مصورة الحالة الناجمة عن تناقض الأضداد في مجرى الواقع والكون.

وعشر مختارات شعرية صدر منها آخرها تحت إشراف الشاعرة ذاتها عام 1996 وتضم 102 قصيدة.

تقول في قصيدة ثمة ناس:

ثمة ناس في هروب من ثمة ناس
في بلد ما تحت الشمس
وبعض الغيمات
يتركون وراءهم كل مالهم
حقولا مزروعة ، دجاجات ، كلاباً
ومرايا تتطلع فيها النار
يحدث بصمت توقف البعض
في جلبة انتزاع بعض الرغيف بعض
وَرجّ بعض لطفل ميت
مازال أمامهم اللاطريق

هكذا تصور الوضع البشري فهي شاعرة التناقضات على صعيد الإنسانية والبنية الشعرية على السوء.

الأفكار لديها تتناطح وتتشابك فلا تتلقي ولا تفترق، قصائدها صافية ذكية، مفاجئة، متماسكة فنياً وفكرياً. يصعب حذف أو تجاهل أي كلمة أو سطر من قصائدها وعلى القارئ أن ينتبه على مشاعر السخرية واستخدام المفارقات في شعرها، فقد تبدو للوهلة الأولى بسيطة أو عسيرة على الاستيعاب. ويمتاز شعرها بمنحى فكري وأخلاقي يتسم بالتركيز على باعثين هما الوجودية للإنسان المعاصر، وموقف الفرد من التاريخ.

* دواوينها الشعرية

1. لهذا نحيا 1952
2. أسئلة نسألها 1954
3. نداء بيتي 1957
4. الملح 1962
5. مائة سلوى 1967
6. كلّ حال 1972
7. العدد الكبير 1976
8. ناس على الجسر 1986
9. والنهاية والبداية 1993

في قصيدة "مائة سلوى" تقول:

كان يرغبُ بالسعادة
كان يرغبُ بالحقيقة
كان يرغبُ بالخلود
انظروا
إذ هو موجود
حتما حدث
تحت نجمة من نجوم الريف
بشكل ما هو حي بالأحرى
ثمة تركيز على الفكرة والتاريخ و
الحب والموت وتعاقب الزمن مع إثارة قضية الأخلاق والتفاهم بين الناس.

"تحت نجمة واحدة" تقول:

أعتذر للصدفة لأنني أدعوها ضرورة
أعتذر للضرورة إذ أخطأتُ
لا تمتعض السعادة لأنني آخذها كسعادتي
فلينسيني الموتى، لأنهم بالكاد يكمنون في الذاكرة
أعتذر للزمن على تعدّد العالم المُهمل في الثانية
أعتذر للحب القديم، لأنني أرى الجديد هو الأول
اغفري لي، أيتها الحروب البعيدة، لأنني أحمل الزهور إلى البيت
أغفري لي، أيتها الجراحُ الفاغرة، لأنني أخزُ الأصبع.

تقول الشاعرة: "أنا لا أمارس فلسفة كبيرة ، وإنما شعرا متواضعا فقط".

قصائدها تنهل من الطبيعة والنبات وكلها محاولات لفك كُنْة الوجود، لأن من حق الشعر أن يطرح بحرية متكاملة تساؤلات

وليس من واجبه أن يقدم إجابات.

وأتساءل: هل هناك شاعرة مثل فيسوافا وروح بحجمها ونقائها وألمها الإنساني الصادق العميق؟

فهي أقرب إلى الحياة ومباهجها منها إلى مآسيها وظلامها.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى