الاثنين ١٧ نيسان (أبريل) ٢٠٢٣
بقلم إيناس عادل مهنا

مدينة الظلام

قصة للأطفال

وسطَ جبالٍ شاهقة شامخة ...مدينةٌ صغيرةٌ يعيش سُكانها الطيبون بألفةٍ وهناء،ورغم تطورهم في مجال الصناعة الحديثة إلا أنهم أكثر(كانوا) يشتهرون بصناعة الحرف التقليدية اليدوية… فقد كثرت عندهم ورشاتُ حياكة الصوفِ والخياطة وتشكيل الحُلي التقليدية والخزف فيبدعون فيها ويبتكرون، ويصدرون خارج مدينتهم...وظلوا محافظين على تراثهم مدة طويلةً من الزمن أصرَّ فيها الآباء على تعليم أبنائهم ما تناقلوه عن أجدادهم بكلِ حبٍ وإتقانٍ ومهارة وهذا كان سببَ شهرتهم بين المدن المجاورة، وبالتالي نشطت عندهم السياحة نظراً لطبيعة مدينتهم وجمال موقعها ومناخها ومحافظة الأهالي على صناعاتهم التقليدية… لكنهم وكأي مدينةٍ في زمانهم، تطورت أدواتهم وأجهزتهم ودخلت التكنولوجيا لكلِ منزلٍ من منازلهم…

في ليلةٍ شتوية.. تساقطت فيها ندفات الثلوج على المدينة ، راقبها رجلٌ عجوزٌ من خلف نافذة منزله، وتبسم، قبل أن يشيح بصره ناحية حفيده الذي يلعب بجهازه اللوحي ..تنهد العجوزُ تنهيدةً طويلة ونادى الصبي…

 يا أحمد ألم يحن موعدُ النوم...ما رأيك أن تخلد إلى فراشِك وسأرويِ لكَ قصة.

 حاضر يا جدي..

أجاب أحمد جده قبل أن يغلق جهازه اللوحي ويتوجه إلى سريره…

وبداخل غرفة الصبي...بعد ساعةٍ من الزمن...صمتَ الجدُ بعد أن أنهى الحكاية فتململ الصغير في فراشه باسماً، قبل أن يحدثه جده من جديد:

إن ما حكيته لك، هو مجرد حكاية، خياليةٌ بعيدةٌ كل البعد عن الواقع في أحداثها، لكن في مضمونها الحقُ وكل الحق.. إني أشعر بالغضبٍ والحزن لحال أطفال وشباب هذه الأيام ..لأطفال يقتلون أوقاتهم باللعب في هواتفهم، يهدمون قِلاع العلم والمعرفة من حولهم بدلاً من أن يبنوها، القراءةُ يا ولدي...هي قلعةٌ تحميك من عواصف الجهل قلعةٌ شامخةٌ تختبئُ خلف جدرانها لتواجه الحياة ومشقاتها وتحديثاتها، بكل ثقةٍ وصبرٍ وإيمان....فاسعى ( فاسع) لتؤسس قلعتك الخاصة، وكل كتابٍ تقرأه اجعله سُلماً واصعد به نحو سماء المعرفة..

فأومئ (فأومأ) الصغير لجده وقال: إن شاء اللهِ يا جدي...وستكون قلعتي قلعة متينة.

وفي صباح أحد الأيام..

الشمس توسدت السماء واحتضنت بأشعتها الدافئة الأرض مبددة صقيع الثلوج التي بدأت بالذوبان، تزاحمت القطيرات وتساقطت عن أغصان الشجر وأسوار المنازل التي كانت ملاذاً للثلوج طيلة أيام ... وفي أحد الأزقة وقف أحمد أمام باب دار صديقه ياسر يمسك كرته بين يديه، ويطلب منه أن يلعبا سوياً فاليوم الجو جميلٌ جداً والبردُ قد خفت وطأته، وعاودت العصافير شقشقة ألحانها العذبة فوق أغصان الشجيرات.

هز ياسر رأسه رافضاً وهو يمسك جهازه اللوحي بين يديه..وأجابه بحماس:

 لا أقدرُ يا أحمد...اليوم سأختم اللعبة تعال وشاركني ولنلعب فيها سوياً.

تمسك أحمد بكرته وقد اكفهر وجهه:

 لكنك لعبت فيها طوال فترة الثلوج ..يكفي دعنا نلهو بالخارج!

 وأنت ألم تلعب أنتَ أيضاً في فترة الثلوج؟

سأله ياسر وعيناه معلقتان على شاشة جهازه ليبتسم أحمد قائلاً بفخر:كنتُ أبني قلعتي كما نصحني جدي.
لم يفهم ياسر مقصده وظن أنه كان يلعب بإحدى الألعاب التي اشتراها جده...

ودع ياسر صديقه وأغلق الباب وسار في رواق منزله وعيناه مثبتتان على جهازه اللوحي يصرخ ويتوعد ويتمتم بانزعاج كلما خسر في جولته فيعيدها مجدداً...مر من أمام المطبخ فتنشق رائحة الطعام الشهي، نادى والدته لمرتين قبل أن تتنبه عليه (إليه) فأشارت له بكفها أن ابتعد..فها هي تصورُ الأطباق التي تعدها وطريقة التحضير وتقوم بنشرهم (بنشرها) عبر حسابها على اليوتيوب... تنهد وقد شعر بجوعٍ شديد ينقر معدته وأكمل طريقه إلى الصالون ليجلس على الأريكة ويستكمل اللعب ريثما تنهي والدته التصوير وتقوم بإعداد المائدة.…
أما أحمد فقد يأس من مناداة أصدقائه المنشغلين في ألعابهم الإلكترونية على الدوام وقرر أن يلعب بمفرده كما العادة، أمسك الكرة وبدأ بقذفها لترتطم بالبوابة التي أمامه في ملل.. وخلف البوابة التي تعاظمت قضبانها الحديدية..وبداخل هذا المبنى العتيق ذو (ذي) الحجارة السوداء … والذي كان مكتبةً عظيمة فيا مضى …وبرفٍ من الرفوف يقف معهم بصمت، مهملٌ مركون وغبار الأجيال يتراكم على سطحه وهو يراقبهم بعتاب و يتساءل لماذا؟ دائما ما كنت صديق آبائهم وأجدادهم فما الذي تغير الآن!

تنتح (؟) الكتاب الآخر ساخرًا وقال مجيباً قائد الكُتب:

 لم تعد ذا قيمة للعقول الفارغة المشغولة خارجاً..هذه الأيامُ تختلفُ عن سابقها!

 ( لكن العلم صالحٌ لكلِ زمانٍ ومكان!)… قالها قائد الكتب

وما يزال صاحبه على نفس وتيرته الساخرة يجيب: هذا زمانٌ اختلفت فيه القيم...والمفاهيم. وعميت فيه الأبصار عبر شاشات الهواتف الذكية ...زمانٌ صمتت فيه الكُتب...وارتفعت فيه أصواتُ الأغاني والألعاب، تفرقت جموع الأطفال واختبئ كل واحدٌ منهم خلف حاسوبه أو هاتفه يلعب بمفرده..وانشغلت فيه الأمهات عن أطفالهن...وتشاغل فيه الآباء عن أعظم واجباتهم تجاه الأسرة، فتراهم يجتمعون في مجلسٍ واحد...لكن كل واحدٍ منهم منشغلٌ في عالمه الخاص...تكادُ حواراتهم تكون معدومة.

نظر الكتاب القائد تجاه النافذة مجيباً بتصميم وهو يشاهد الصبي أحمد يلعب بالكرة وحيداً:

 إذاً حان الوقت.

فصدرت همهمات خافتةٌ مؤيدة لكلماته من الكتب المتراصة على رفوف المكتبة، اعتصره الألم وهو يستبصر النتيجة ولكنه كان مصرّاً فلا بد من تلقين سكان هذه المدينة درسًا، تجهزت الكتب مستعدة لتنفيذ الأوامر من قائدهم لتبدأ حربهم ضد الجهل الذي أعمى بصر البشر.

بصرخة منه زلزلت جدران المكتبة فارتفعت على إثرها الكتب والمجلدات وصارت تجول بغضب، فتطايرت ذراتُ الغبار وغلفت فضاء المكان….رفرفت الكتب وحركت جلودها و خرجت، حلقت عالياً في السماء كزوبعة لا تنوي إلا على اقتلاع مبعث خير البشر والسبب الرئيسي في تطوره ونمائه (ويقصد هنا الكتب)... ليغرق البشر فوق جهلهم بجهلٍ أكبر لم يحسبوا له حساباً..، ولبّت جميع كتب المدينة النداء.

وصارت تخرج من نوافذ البيوت ومداخنها...تعبر من أمام أعين أصحابها الذاهلين، تحركت الكتبُ من أمام الطلاب في المدراس وتركت مقاعدهم مبتعدةً عنهم فأصيبوا بخوفٍ شديد وصاروا يصرخون وتسائلوا ما الذي يحدث!؟ أصيب السكان بحالة هلعٍ وخوف يجرون ذات اليمين وذات الشمال بسبب هذا الحدث الجلل، طارت الكتب عالياً كسحابة ضخمة حتى عبقت سماء المدينة بعتمةٍ بسبب احتجاب نور الشمس عن مدينتهم وغرقت المدينة بالظلام المدلهم،

وبعد أن خفأت وطأة الخوفِ لدى السُكان أضاؤوا المصابيح الكهربائية بعد أن تبدد نور الشمس لظلمةٍ موحشة.
هلل الأطفال بادئ الأمر لتخلصهم من الكتب وبعد أيامٍ قليلة لم يعودوا يميزون الليل من النهار لأنهم في ظلمةٍ دائمة فأغلقت المدارس وتشاغلوا في ألعابهم الالكترونية يعبثون بفرح، وتعطلت معظم أعمالهم وصناعاتهم... و مع مرور الوقت ازداد الجاهل جهلاً وساءت أحوال الرعيّة… تملكهم صقيعُ الظلام والجهل بالإضافة لصقيع الشتاء..

توالت الأيام تلتها الشهور والسنوات لكن الكتب لم تعد، بل اتخذت لنفسها مكانا أعلى الجبل وصارت تطوف من فوقه لكنها ما زالت تحجب نور الشمس عن المدينة القابعة أسفل الجبل صار السكان يبحثون عن أحد يساعدهم لكن العلم قد فني بموت أصحابه وما تبقى منهم ..هو جيلٌ جاهل لا يعرف الكتاب ولا يقرأ لا يدري الخطأ ولا يفقه الصواب.

حتى الصناعة التي كانوا يشتهرون فيها سابقاً لأن آباءهم تناقلوا العلم وعملوا به و طبقوه... باتوا الآن عاجزين عن تطبيقها بحرفية... حاول بعضهم الهرب عن هذه المدينة..لكن جيشواً عظيمةً من الكتب تجمهرت أمام المدخل الوحيد للمدينة... وهو شقٌ بين جبلين، فحالت الكتب دون خروجهم فظلوا عالقين في مدينتهم... مدينةُ الظلام.

توقفت المركبات وتعطلت الهواتف والشاشات والأجهزة مع مرور الوقت فباتوا عاجزين عن إصلاحها لأن العلم مات بموت أصحابه ...فاتخذوا من الشموع وسيلةً أخيرةً للإضاءة… ويوماً بعد يوم...عادوا للبدائية لا قانون يحكمهم سوى قانون الغاب. القوي يأكل الضعيف..

باجتماع للأهالي صرخ أحد الشيوخ...واسمه أحمد، وهو ذاته الصبيُ الصغير الذي تشاغل عن اللهو بالعلم والقراءة فما يزالُ محتفظاً بذاكرته بما تعلمه في صِباه..

 هناك يكمن الخلاص"

وأشار بيده المرتجفة إلى سحابة الكتب الطائرة وأردف:

 اطلبوا العلم وابحثوا عنه ....انه هناك في الأعلى فاطلبوه في عليائه واسعوا إليه يا أبنائي.
خاف الجهلاء ظناً منهم أن الكتب ما هي إلا وحوشٌ ثائرةٌ تحلقُ لحماية ملك الجبل كما تناقلت ألسن الغافلين، لكنه ردد مجدداً:

 هناك يكمل الخلاص ..اسمعوا وأفيقوا و إلإ ستغرقون في جهلكم.

لكن الجهلاء لم يستمعوا إليه إلا حفيده (طالب) ظلت كلماتُ جده تتردد بعقله..

كان طالب بفضوله يتأمل تلك الكتب و يتمنى لو يعرف ما هي وما مقصد جده بأنها الخلاص، فطالما حكى له جده الحكايات وحاول تعليمه على قدر ما تعلَّم في صِباه حتى حزم أمره ذات يوم و بتشجيعٍ من جده أحمد الذي قال له:

 لقد زرعتُ فيكَ بذرةَ الخيرِ التي تعلمتُها أنا...والآن، سلمتًك الراية لاستكمال الطريق...اطلب عن العلم وابحث عنه..

انطلق طالب على ظهر جواده قاصداً قمة الجبل الشامخ وبدأ برحلته أياماً معدودات، حتى وصل لمكان لا يمكن للجواد فيه أن يكمل مسيره فأطلق سراحه لينطلق في رحلته مجدداً متسلقاً الصخور قاصداً قمة الجبل.

بعد عناءٍ ومشقّة وصل طالب قمة الجبل مرهقاً، ارتعد مهابة من الكتب التي تحلق عالياً فوق رأسه كطيور مخيفة غاضبة وهي تحركُ جلودها باستمرار ولا تهدأ لكنه استجمع شجاعته و صرخ:

 أيتها الكائنات الغريبة ... حادثوني ...جئتكم راجيًا مسالمًا.

سمعته الكتب فهبط قائدهم إلى الأرض مجيبًا الدعوة بعد طول انتظار:

 من أنت أيها الشاب؟
 أنا اسمي طالب.
 ماذا تريد يا طالب؟.
 أنا أطلب الخلاص،أطلب الحقيقة الغائبة الهاربة، فمدينتي غارقة في الظلام والجهل ساعدوني
 أتعرف من نحن ؟ قال له القائد وهو يحاوره فأجاب طالب:
 لا أعرف ماهيتكم لكني موقنٌ بأنكم تستطيعون مساعدتي .هكذا أخبرني جدي.
 ومن جدكَ أيها الصبي؟ سأله الكتاب ليجيب طالب.
 جدي اسمه أحمد.

فتذكر الكتاب ذلك الصبي الذي كان يلعب وحيداً بالكرة قبل أعوام بعد أن تمنع أصدقائه من اللعب معه وتشاغلوا عنه، حلق القائد يحاور أصدقائه ثم هبط مجددًا وفتح صفحةً من صفحاته وقال له (اقرأ) نظر طالب بعدم فهم وقال:

 لا أعرف..ضاعت حروف اللغة..وماتَ العلمُ فينا لا نذكره إلا من حكايات الأجداد…

جلس طالب على صخرةٍ كبيرةٍ وتنهد...وعاد يحدثُ الكتاب من جديد: أخبرني جدي ...أننا كنا فيما مضى.. شعوباً تتقن البلاغة، نتفنن في التعبير عن مشاعرنا وفي أقوالنا، أما اليوم لا نقوى على خوضِ حديثٍ متزن،
كنا أصحاب حِرفٍ وصناعات نسعى إلى التطور والنماء ..وأصبحنا شعباً بلا هدفٍ ولا قيمة، مجرد عقولٍ فارغة، لا نعرفُ العمل و أساسياته ونفشلُ في كل صناعةٍ نصنعها صمت الكتاب مفكراً ثم خاطبه:

 الطريق أمامك طويل..
أجاب طالب بثقة: سأسيره حتى النهاية بإذن الله.
 طلبُ العلم شاقٌ عليك..
 والجهلُ أشقى...وبه نشقى منذُ سنوات.
 إذن سنعلمك يا طالب.

قالها قائد الكتب معلناً قراره فلعلّ أهل المدينة أخيراً قد فطنوا للكنز الغائب عنهم ....وتعلم طالب من الكتب حرفاً حرفاً وكلمةً كلمة حتى أتقن القراءة.

وكل كتاب ينتهي من قراءته صار يهبط بشكلٍ تلقائي إلى الأرض باسماً راضيًا وبذلك يتسرب شعاعٌ ضئيلٌ من الشمس نحو المدينة لتنير جزءاً منها، تعجب السكان من هذا الحدث وأيقنوا أن الوحوش تتوارى لكنهم لم يعرفوا لهروبها سبباً

وطالب ينهل ويرتوي من العلم والمعرفة يوماً بعد يوم حتى هبطت جميع الكتب وأنارت أشعة الشمس الذهبية الأرض فهلل أهل المدينة فرحاً.

شكر طالب الكتب ثم قال:

 لقد أنرتم روحي وعقلي وبصيرتي وواريتم ظلماتي بنور العلم.

تبسم القائد وانحنى احتراماً لطالب قائلاً:

 أنت من سعى ورائنا فاستقبلناك، طلبت العلم فأعطيناك، كنتَ خيرَ صبورٍ لتلقي العلم، وخير طالبٍ للمعرفة .والآن ستعملُ بهذا العلم وتطبقه..

قال طالب برجاء:

 بقي لدي طلب أخير. ايها الكتاب العظيم، تهيئوا و استعدوا لمحاربة الجهل في المدينة أريد أن أنير حياة شعبي كما أنرتم حياتي.

 أتظنهم مستعدين للعلم؟

قالها الكتاب فأجابه طالب بثقة:

أنا موقن من استعدادهم فقد شيعهم الجهل واكتفوا منه.

 ولك ما تريد

قالها القائد فاصطفت الكتب صفاً واحداً كسجادة كبيرةٍ جلس عليها طالب وهبطوا به إلى ساحة المدينة.

اجتمع الأهالي حوله بذعر وبطريقة هبوطه الغريبة ... لكنهم سرعان ما تعرفوا على طالب الذي اختفى منذ سنوات طوال، غاب يافعاً وعاد رجُلاً قد غزا الشيب بعض خصلات شعره.

 أين كنت يا طالب وما هذه الكائنات من حولك.

قالوها بوجلٍ لطالب لكنه صرخ فيهم بفرح:

-يا قوم طالب عاد.

طالب العلم والمعرفة قد عاد يحمل لكم الخلاص.

هلل سكان المدينة فرحاً صائحين:

 طالب عاد يحمل الخلاص يا أبناء المدينة.

ضرب طالب بعصاه الأرض صائحاً بقوة:

 هاقد أصبح الكنزُ بين أيديكم من جديد..فاعملوا كما عملت وتعلموا ما تعلمت، صححوا أخطاء الماضي وابنوا المستقبل....كانت الكتب أمام أبناء شعبكم لسنين طويلة.... تناسيتموها واستبدلتم الخالد الباقي بما هو فانٍ وزائل، انشغلتم بالحياة واللهو ونسيتم أن أهم قوانين الحياة هي القراءة والعلم والمعرفة...

تطلع السُكان ببعضهم، وكأنهم يريدون أن يتقدم أحدهم ليتشجعوا...فقد ظلمهم جهلهم وأظلم حياتهم، تقدم رجلٌ منهم بعد حين وقلَّب كتاباً بين يديه ومشى بأصبعه على السطور والغمٍُ قد تملك منه...سأل الرجل:
 هل ستُعلمني يا طالب؟

هز رأسه باسماً وأجاب:

 سأعلمكم بكلِ حبٍ كما علمتني الكُتب... سننهلُ العلم والمعرفة وسننطلقُ فوق بساط الوعي والثقافة، ساعدوني وساعدوا أنفسكم لننهض بمدينتنا.

فتشجع الرجال وهللوا فرحاً، وحمل كلٌ منهم كتاباً متجهين إلى مقر المكتبة.. الذي أكله غبارُ سنوات الجهل والخواء، نظفوها ونظفوا عقولهم مستعدين لينهلوا العلم...وهكذا عادت الكتب إلى المكتبة مجدداً بعد ان نفضوا عنها غبار الزمن، نظفوا مدراسهم التي تحطمت بمرور السنوات وبنوها من جديد وازداد طلاب العلم كبيراً وصغيراً، رجالاً ونساءاً، يجلسون منصتين لمعلمهم الجديد... ومنصتين لهمسات الكتب التي تعلمهم بكلِ حبٍ واحترام.

وهكذا... ومع مرور الوقت ازدهرت مدينة الظلام من جديد لتصبح بأشعة علم سكانها مدينة الضياء.

= انتهت =

قصة للأطفال

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى