الجمعة ٢٣ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم محمد متولي محمود

مسألة أرقام

على شفا الهوة العميقة في قلب الأنقاض تراكم جبل من أشلاء سكان الحي الذي دمرته غارة البارحة..أكف وسواعد وأقدام ورؤوس من مختلف الأعمار والأجناس في عناق فرضته عليهم وحدة الفناء وبجانبهم وقف مسئول الحي المنهار وبعض عمال البلدية يشبعون أعينهم من وجوه عرفوها وأكف صافحوها قبل أن يبدأوا في قذفها الواحدة تلو الأخرى في غيابات الهوة..قبض المسئول على دفتر وراح يتملى من العمال اسم كل ضحية كي يسجله وإلى جانبه رقم..بمرور الوقت راح ذهنه لا يعي إلا الأرقام التي يخطها بترتيبها بينما تساوت الأسماء بالنسبة له ثم سافر ذهنه باستمرار مضي الوقت إلى مناح حياتية أهم تاركاً أمر الأرقام لذراعه..عندما انتهى العمال من تغييب الجثث خط المسئول آخر رقم سجله بخط كبير راسماً حوله دائرة أعاد المرور عليها بالقلم عدة مرات وهو يتطلع إلى ما بداخلها من رقم بنظرة غير واضحة أهي دهشة أم إعجاب أم ألم! أغلق دفتره..طواه تحت إبطه ثم غادر الأنقاض مسرعاً وهو ينظر في ساعة يده بقلق.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى