الأربعاء ١٢ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦
بقلم حسن الشيخ

مشهد التسعينيات لجيل السرد السعودي

لا اعتقد أنني قادر على فصل المشهد القصصي التسعيني عن بقية المشاهد الزمنية للوحتنا الإبداعية . لست ناقد لأقول كلمة الفصل , ولست مهندسا قادرا على استعمال المسطرة والقلم لأرسم خطا فاصلا بين تلك المشاهد . بل إننا لسنا بعيدين بما فيه الكفاية لالتقاط كامل الصورة بوضوح تام . ذاك جيل – التسعينيات – هو الأمس القريب لنا , والذي مازال نابضا , يمدنا بالعطاء , ويحرضنا على الكتابة .

ربما ستكون إجابتي مخيبه للإملال , فما طلب مني هو شهادة على جيل لا يمكن لي من إنصافه . فأنا محسوب عليه , وقد كنت قبله , وبعده . جيل قرأت له وقرأ لي وكتبت عن إبداعه طيلة ذلك العقد , وكتب عني . كيف لي أن انسل من دائرته للكتابة عنه ؟

قد أستطيع كتابة خربشة ما عن تجربتي . أو ربما أستطيع كتابة قراءة خاصة لأصدقاء عرفتهم في العقد الماضي . ولكنني قطعا لا أستطيع أن أكون شاهدا على تجاربهم . من هم ذلك الجيل التسعيني ؟ ومن هم خارجه ؟

استعرضت في ذاكرتي كل أسماء الأصدقاء الذين كتبوا القصة على ساحتنا المحلية , فوجدت الأمر مربكا و مشوشا إلى حد كبير . أين أضع خليل الفزيع وإبراهيم الناصر الحميدان زمنيا ؟ وهل يمكنني إخراج الشقحاء من هذا الجيل ؟ شعرائنا الذين طلقوا الشعر ثلاثا ... واتجهوا للسرد هل يمكن إضافتهم لجيل الأمس التسعيني ؟
لست قاضيا حتى اصدر فتوى بفصل القصة عن الرواية , فأقرر حينها من هو روائيا ومن هو قاصا . كما إنني لست مديرا لإصدار أمرا بضمهما معا تحت مظلة السرد , فأدلي بشهادة عامة على كل القاصين والروائيين دون تمييز بين أدواتهم الإبداعية .

نعم كنت قارئا مثابرا لكافة أنواع السرد , وصحفيا دخيلا حينما تناولت بالقراءة النقدية بعض ما قرأت . ولا اعتقد إنني وفقت في كتاباتي تلك . بل إن الكثير منها لم يرق للكثير من زملاء الحرف . في التسعينيات قرأت نصوصا جميلة لعبد الله التعزي وسعد الدوسري وعبد الرحمن الدرعان وخالد اليوسف وكذلك لفوزية الجار الله و أميمة الخميس وغيرهم من الأسماء العديدة .

المشهد القصصي جميل وملئ بالأسماء المعروفة التي تألقت في فضائنا المحلي . ليس من العدل أن اذكر أسماء أهمل أخرى وليس من الإنصاف أن أطلق حكما عاما على هذا المشهد المكثف بالسرد . ولكن يبدو إن تلك خطيئة لا بد من اقترافها . ما هي سمات الجيل التسعيني ؟ أو سمات المشهد في التسعينيات ؟

يبدو أن التجديد سمة بارزة فيه . التجديد في الطرح السردي . هناك جرأة لم تتميز بها المشاهد السابقة . تجديد في الأدوات والمضمون . و ابتعاد عن التقليد والمتناول في السرد القصصي والروائي المتحفظ الذي عرف به ساحتنا المحلية . لقد جدد عبده خال في الأدوات والأساليب , وجدد تركي الحمد في الطرح . وتناول غير المسموح به سابقا . وهكذا فعل العديد من القاصين في تلك المرحلة ولكن على استحياء . كما إن العض من كتاب السرد ظل يراوح مكانه . أو لنقل بقي متمسكا بجذور السرد المحلي .

الإصرار سمة أخرى في المشهد التسعيني . الدأب على العطاء , فمعظم كتاب السرد أصروا على الكتابة والطبع رغم إحباطات النشر و التوزيع و ابتعاد القارئ الجاد . إذن هناك مقاومة لإحباطات السوق . السارد التسعيني واجه السارد الفضائي و السارد الإلكتروني ولم تواجه الأجيال السابقة هذان الساردان في طريقهما . لذلك فأن الكتابة و النشر هي مغامرة صعبة ومريرة .

أما السمة الأخيرة التي اعتقد أنها ليست خاصة بهذا المشهد بالإضافة إلى النزوع للتجديد و الإصرار , فهي القدرة على الجذب . ورغم إن هذه السمة ليست ذات خصوصية محلية , إلا أن السرد المحلي استطاع أن يجذب عدد ا من الشعراء , والكتاب من خارج الدائرة السردية ليعيشوا التجربة بكل إحباطاتها . إلا أن هؤلاء المغامرون وجدوا في السرد عزاء لهم من هجر القارئ لقصيدة الشعر الحديثة وفقدان بريقها


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى