مقاربة للتجربة الشعرية الجديدة بالمغرب

في ظل حركية شعرية غزيرة يشهدها المغرب على مستوى الانتاج والنشر، مقابل ضعف على مستوى القراءة والمتابعة النقدية والتناول النظري، يطرح موضوع التجربة الشعرية الجديدة بالمغرب نفسه بحدة، لا من أجل مديح الذات من طرف أصحابها أو هجائها من طرف الخصوم ، وإنما بغاية مساءلة التجربة ووضعها في غربال النقد….

ولعل أول ما يلفت نظرنا في هذا المقام، هو غياب تسمية نقدية / أدبية دقيقة تقبض على جوهر التحول الذي عرفته القصيدة المغربية بعد منجز شعراء الطليعة- الفرسان.
في هذا السياق، نقترح على الاخوة الشعراء والنقاد تسمية -الحماسة الشعرية-؛ توصيفا لهذا المشهد الشعري المغربي الجديد، ولما تحمله هذه التسمية من معاني الشجاعة والجرأة على اقتحام آفاق شعرية جديدة، ثم إنها بقدر ما تراهن على المستقبل، فإنها لا تحدث قطيعة مع المرجعيات الثقافية بل تقر بمبدأ التحاور مع التراث والحداثة.. وهي لا تعترف بمبدا المفاضلة بين الأشكال والأجيال الشعريين..

لكن إذا كانت الحماسة الشعرية كما حددنا بعض ملامحها أعلاه، وكما يثبت ذلك واقعها الإبداعي قد استطاعت تحقيق تحول نوعي في كثير من محاولاتها وتجاربها،فإنه ينبغي الاعتراف بوجود بعض عتمة على جسدها، وهو ما يتجلى أساسا في خلو بعض نماذجها من صدمة شعرية، الأمر الذي نفسره بغياب رؤية/رؤيا شعرية عميقة لدى شعرائها، وفقر تجربتهم الثقافية والحياتية، ثم بغياب نقد جاد وموضوعي يواكب مراميها…

غير أن درس التاريخ علمنا ان كل حركة شعرية تروم المغايرة والاختلاف، لابد أن يعتورها ضعف وانزلاقات، لذلك فنحن معنيون نقادا وشعراء بتسليط الضوء والكشف عن جماليات النماذج المميزة لهذه المرحلة من القصيدة المغربية الحديثة التي أطلقنا عليها تسمية الحماسة الشعرية..

ولا شك أن عامل الزمن أضحى في صالحنا للحكم على منجز هذه الحماسة، اذ يفصلنا اليوم عن ولادتها أزيد من عقدين، نظن أنها كفيلة بالكشف عن منجزها الفني، ومدى تمثلها للمرجعيات الثقافية، بعيدا عن أي اجترار أو استنساخ مشوه لها..

إن هذه الورقة التي نتوجه بها الى عدد من الشعراء والنقاد الممسوسين بلوثة الشعر، تتوخى تعميق القضايا المطروحة فيها أو المتعلقة بها، وذلك بهدف رصد واقع المشهد الشعري المغربي الجديد ومحاولة مد جسور نحو آفاق شعرية جديدة..