الاثنين ٢٩ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٧
بقلم ميساء قرعان

مقاييس لرصد السعادة والاكتئاب..

ويهطل المطر

حين أتمعن فيمن حولي وما أتمناه أن لا أصل إلى مرحلة )لا أستثني فيها أحدا( ممن لا يجدون حرجا في التقولب بألف قالب في غضون دقائق وممن يشعرون بسعادة أو تياسة حقيقية فإنني أوشك على الكفر بكل ما تتحفنا به نظريات علم النفس من خرافات حول الاضطرابات النفسية وأهمها الاكتئاب، فليس هنالك ما يسمى استعدادا وراثيا للاكتئاب، إنه ناتج ما نرى ونعايش، ناتج ما نتضرر به يوما بعد يوم، ناتج ضغوطات لا متناهية، ناتج طبيعي أو ضريبة طبيعية لشعور غير المصابين به بالسعادة
وناتج طبيعي للشعور مع المضطهدين في الأرض، أو المعذبين بالفكرة ممن لم تداهمهم مزايا التبلد الشعوري بعد.

لست معنية حتى اللحظة بأن يضعني أحد المتربصين في مختبر لقياس مستوى الاضطراب النفسي لدي ولذا فإن مساحات كتاباتي أو دروبها لا تحدها حدود، اعتدت أن أوجه الاتهامات من نفسي وإليها ولست أخشى لومة لائم، أرى- وقد أكون مخطئة- أن قمة القوة تتأتى من اعترافنا بضعفنا الإنساني، بمواطن الخلل فينا، بخبراتنا السلبية، بإلقاء قليل من الإضاءة على الظلمات التي تنطوي عليها نفسياتنا، تلك الظلمات التي حلت ببعضنا دون سابق استئذان، فلكي تصاب بها أنت لا تحتاج سوى لقلة ممن يعانون من ظلمات أتت على ما تبقى من ضمائرهم .

ويهطل المطر..هل تشعرين بالسعادة الآن؟ هل شاهدت المطر؟ من يسألني مثل هذا السؤال يكون لديه سابق معرفة بأنني من عشاق المطر ويدرك أنني بانتظاره، لكنهم لا يدركون أن هطول المطر يصبح عاما بعد عام "سيابي" النكهة، هم لا يعرفون أي حزن يبعث المطر!

لست أدري، هل ينتشلني هطول المطر من ذاتي أم لا، وهل يبعث السعادة أم الحزن أو لاشيء، أجبت إحداهن: لا أدري وليس لدي دافعية حتى لإزاحة الستارة لمشاهدته فقط أكتفي بسماع صوته وهذا ترف بحد ذاته، وأضفت:أحتاج لمقياس شبيه بمقياس ريختر لرصد انفعالاتي، علّه يتنبأ لي بما أنا فيه فأمارس عزلتي أو انطلاقي بوعي مسبق، أو لجهاز يتمكن من فحص مستوى السعادة وشبيه بجهاز فحص مستوى السكر في الدم ويفضل أن لا يكون دقيقا، يفضل أن يعطي قراءات خاطئة لعله يوهمني بعدم انتهاء مدة صلاحيتي لمواصلة الحياة، لكنه بغض النظرعن دقة قراءاته سوف يصاب بخلل ما، خلل بالعدوى، سيصاب بفوضى انفعالات أو حالة من حالات "لا أدري" أو قد يسجل قراءة ثابتة تختصر ب (خطأ).

خطأ في التوقيت،خطأ في الخيارات، خطأ في التوقعات التي كانت دوما عالية، خطأ حتى في التعامل مع الأخطاء، وخطأ لا متناهي في التمعن بقراءة الواقع وليس بالإمكان تصحيح ما فيه أو الانسحاب منه ...

أخطاء كثيرة تلك التي نرتكبها وتوصل أحدنا إلى الاكتئاب، ليس أقلها أن الشخص الذي يشعر باكتئاب مقيم يجيد تقييم ورصد وتحليل كل ما تقع عليه عينه ولا يجيد أو ليس مؤهلا للتسلح بالأسلحة التقليدية التي تمنح من يشعرون بالسعادة سعادَتهم، هو شخص عصي على التقولب، ولم يعتّد بالأقنعة، كما يصعب ترويضه بالدرجة ذاتها التي يصعب فيها عليه محاولة ترويض أو اعتقال آخرين وممارسة السلطة عليهم .

المكتئب شخص لا يشعر بفقدان السعادة ولا يشعر بمرارة الاكتئاب ما دام قد اعتادها ولذا فإن قراءة انفعالاته أو رصدها على الأغلب ستسجل ب (خطأ) دائم

ويهطل المطر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى