الجمعة ١٠ آب (أغسطس) ٢٠٠٧
بقلم عبد العزيز غوردو

من يوميات ناسك محزون...

سهاد... ارتعاشات قلم مكسور... والوقت جاوز منتصف الليل...

مغتما خرج من صومعته ناسكُنا المحزون... ولم يشعر به أحد...

امتطى صهوة سيارته... خاوية شوارع مدينته، التي كان يطويها بسرعة جنونية،
كأنما يفر من حزن تشبث به كما الجذام...
وهو حطام...

يبحث عنها أنثاه، يريد أن يدفن رأسه في حضنها... يشم عطرها... وينام...

ويسكت...

هو يعرف أن شوارع مدينته عاجزة عن احتضان امرأته... عاجزة عن مسح حزنه...

لكنه يطوي شوارعها... طي الكتاب...

يمني النفس، وهو يعلم أن امرأته هناك، في مكان غير المكان... وفي زمان غير الزمان أيضا...

لكنه يمني النفس بالأماني...

ويسكت...

يهده الإعياء، يلقي به داخل مقهى ليلي...

كيف تحول ناسكنا المقهور إلى رائد لمثل هذا المكان؟

يسائل نفسه... يهزها دون كلام...

 " ماذا تشرب، سيدي؟" (يسأله النادل الواقف أمامه...)

سكت ولم يرد...

 " ماذا تشرب، سيدي؟" (يعيد النادل السؤال، بأدب مفتعل)

 " ماذا أشرب... صحيح ماذا أشرب؟" (يقول في نفسه): "يكفيني ما شربت من مر..."

 " قهوة سوداء مضغوطة..." (دون أن يلتفت للنادل الذي كان يتوقع أي مشروب روحي، إلا

قهوة مضغوطة في مثل هذا الوقت من الليل، وفي مثل هذا المكان)!

 " قهوة مضغوطة... في مثل هذا الوقت من الليل، وفي هذا المكان... لا شك أنك... "قال

صوت أنثوي بغنج، جلس إلى جواره دون استئذان... وكأنما قرأ ما جال بخاطر النادل المحتار...

(التفت إليها، إلى الوجه الخلاسي الآسر، والشفتين الجائرتين...)

سكت ولم يرد...

امتدت يد الوجه الخلاسي الآسر لتمسك يده... أبعد يده عنها، بحركة لا شعورية...

 حزين ومهموم... أعرف هذه الحال، وقد خبرتها، حال كل عاشق مكسور... (قال الوجه

الخلاسي الآسر، ذي الشفتين الجائرتين...)

- انظر إليهن (أضاف الوجه الخلاسي الآسر): أليس بينهن أجمل من أنثاك... اعترف...

(اِلتفتَ... قطيع نساء يتضاحكن... يتغامزن... وكلهن بشفاه جائرة)

سكت ولم يرد...

أخرج من جيبه حافظة نقود... ألقى ورقة مالية على الطاولة...

ألقى ورقة ثانية إلى الوجه الخلاسي الجالس قربه...

سكت ولم يرد...

وهو خارج من الباب التفت إليها، إلى وجهها الآسر... لكنه لم يتكلم...

قال لها ولم يقل...

هي وحدها قرأت في صمته الجواب:

 ليس بينهن أجمل من فتاتي... وليس بين كل نساء المدينة...

لأنها أجمل امرأة في الكون...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى