الثلاثاء ١٥ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم فلاح جاسم

مُطارحات «دَارْميّة»

كان الدارمي خيرَ مُعبر عمّا يَعتلج في صدور العاشقين، ليكون خير شاهد على معاناتهم في بعد الحبيب، إذ ليس من سبيل للوصول إليه، وسماع حتى كلمة واحدة منه، فيبث العاشق شكواه عبر أبيات من الدارمي، تسير بها الركبان، علـّها تصل إلى الشخص المقصود فيفهم مغزاها، ويفك شفرتها، وفي كثير من الأحيان يردّ عليها، ويكون الرد مباشرا، عفويا، صادقا.
تخيلت هذا الحوار بين شاب وفتاة يذوبان عشقا وهياما:
الشاب:

أتمنى طير اصيرْ وانـَزلكْ البيتْ عَذبني حُبـكم عَادْ ومن البُعد مَليتْ

الفتاة:

مَللكْ بُعدي؟ هذا من الاشواق قـُلي شْوكِتْ والقاكْ ذوبني الفراقْ

الشاب:

أتمنى نـَجمة اصير وابوسْ خَدكْ لـَوّنْ تـُعُوفْ اهواي ألعن ابو جَدكْ

الفتاة:

نـَجْمَة وتبوس خدودْ, يحرقني نوركْ خَليني عِندكْ دومْ والشور شوركْ

الشاب:

بوجودكْ آنا ارتاحْ وإنتا هَلي ونـَاسي إقـْرَبْ يابَعد الروحْ ياأغلى جـِلاسي

الفتاة:

آنا أغلى جـِلاسك؟ شاطر يافلوحي أتنفس آنا هواكْ وإنتا اصبَحت رُوحي

نلاحظ أن الفتاة هي من تغلب في النهاية، وهذا شأن القلوب الأكثر شفافية، ورقة، وغالبا ما يكون قلب الفتاة كذلك، لكن في الهوى ليس هناك غالب ومغلوب فالكل في حُرقة الجمر سواء.

هناك حوار آخر بين شاب وفتاة, كل يحاول وصف ما يعانيه من لوعة العشق، وما يكابده من قسوة الفراق، ليدلل إنه يعاني أكثر من الطرف الآخر، فكان هذا الحوار.
الشاب:

كل نـَظرة من هواي تذبحني وتواسيني تسقيني سم زعاف وعقار تِسْقِيني

الفتاة:

تقلي صوتكْ حَبيبي بالعشقْ ذوَبـْني كنـّه فطيـِمْ يصيحْ، ذكرّني ببني

الشاب:

صوتي يذوّب بيج؟ كـُل هذا مَقدورْ الضحكة من شفاجْ تـِرميني ببحورْ

الفتاة:

بَسْ ضحكة مني هيجْ تخليك تغرقْ خَلاني حُبك عَادْ بالهوى أشرقْ

الفتاة:

لاتعليق..لاتعليق.. ثم تقول:

كلامَكْ أعْجبني, حبيبي لا تعليقْ عشقكْ يَذوبني وبُعْدَكْ فلا اطيقْ

الشاب:

عشقي يذوبج؟ آنا اصبحتْ سائل كـُل ليل أتاني هواكْ وابعثْ رَسائلْ

الفتاة:

إنتا اصبحت سائل؟ لا حيلْ شَاطر آنا اصبحتْ ذرَات وبالهوى طايرْ

الشاب:

إنتا اصبحتْ ذرات تـُدخل بالعيون؟ آني أصبحت شفـّاف بالمِجْهَرْ يدورُونْ

الفتاة:

إنتا اصبحت شفـّاف؟ ياويلي منك ويلْ آني اصبحت " نانو" وبيد احمد زويلْ

ختمت الفتاة هذا الحوار، بذكر تقنية "النانو"، فلم تترك مجالا لحبيبها بمتابعة الحوار، إلا إذا تم اكتشاف تقنية ما بعد "النانو".

نختتم هذه الجلسة بحوار أخير بين شاب وفتاة أحبّا بعضهما لدرجة الثمالة، لكن نكتشف أن الفتاة غيورة جدا، لدرجة أنها على استعداد أن "تذبح حبيبها وتشرب من دمه" ولا يرفّ لها رمش.

الشاب:

يابو عيون وساعْ والشفّة عَنـْبَرْ ببُعدك ترا والله قلبي تمرمرْ

الفتاة:

قلبك تمرمر؟ هذا سهلْ ياصاحْ تِجْري بشراييني وبحُضنَك آني ارتاحْ

الشاب:

أجْري بشرايينك، بَسْ انتا تِرْتـَاحْ القلب بيه جَلطة وانتا اصبحتْ جَرّاحْ

الفتاة:

سلامتك ياقليب يفداكْ قلبي آني معكْ للموت وحَياة ربي

الشاب:

بَسْ معي للموت؟ شو هالبخل يا هواي أريدك آنا هناك بجنـّة عَدنْ وَيّاي

الفتاة:

بجنة عَدن وَياك؟ وتشوف حُور العين بيدي اَذبَحَكْ والله وما تِرِمْشلـّي عينْ.

أتمنى أن يكون ما قدمته لامس شيئا في ذواتكم، وأتمنى أن أقدم إطلالة على هذا النوع من الشعر الشعبي العراقي والفراتي.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى