السبت ٢٤ شباط (فبراير) ٢٠١٨
بقلم طلال حماد

هل توجد قهوة بالبن الصافي؟

البعضُ يمضي
البعضُ يأتي(1)
وقطارُ العُمْرِ يمشي
يتوقّفُ في محطّاتِهِ قليلاً
يشرَبُ قهوةً وعصيراً
يُدخِّنُ سيجارَتَيْنِ
واحِدَةٌ لِيُعَدِّلَ مُخَّهُ
واحِدَةٌ لِيَرْسُمَ بِدُخانِها
وجْهَ امْرَأةٍ عابِرَةٍ في خَيالِهِ
وخَيالُهُ أوسَعَ منْ أفُقٍ
أفْقُهُ المسافاتُ التي يقطَعُها جيئَةً وذَهاباً
منْ وإلى..
وإنْ ذكّرتَهُ بِمَوْعِدِهِ
غفا في مِقْعَدِهِ
ونامَ، كمُتْعَبٍ منْ طول السَفَر
البعضُ يمضي
البعضُ يأتي(2)
والريحُ إنْ جَرَتْ تَجري
مَنْ يَدْري
لماذا الريحُ تجري
أهْيَ هارِبَةٌ
أهْيَ تركُضُ خلفي
أم تُطارِدُ أحَداً غيْري
أم ثمَّةَ منْ أفْلَتَها
منْ عُقالِها
فأطْلَقَتْ في المَدى ساقيْها
وعِنْدَما تُطْلِقُ الريحُ ساقَيْها
لا أحَدٌ يَعْرِفُ ما الذي سَتُذْريهِ وتُبْقي؟

البعضُ يمضي
البعضُ يأتي(3)
والناسُ منْ حوْلِيَ أقسامُ
قِسْمٌ يَبيعُ الهَواءَ للناسِ ويَشْتَري
وقِسْمٌ يكذِبُ مِثْلَما يَأكُلُ وَيَفْتَري
وقِسْمٌ ترى نِصْفَهُ مَعَك
ونِصْفَهُ الثاني يَخْدَعَك
وقِسْمٌ يَخْدِمُ الظالِمَ كصانِعِه
وبَعْدَما يَسْقُطُ الظالِمُ مِنْ سُلّمِه
يَخْرُجُ في الناسِ صارِخاً: أنا أسْقَطْتُه أنا أسْقَطْتُهُ
ويُمْسِكُ بِيَدَيْهِ على السُلّمِ وهْوَ يَدَّعي: هذا السُلَّمُ سُلَّمي أنا صَنَعْتُهُ وسَآخُذُهُ مَعي
وقِسْمٌ يُؤْلِمُهُ الحالُ وَيَصْمُتُ لكنَّهُ إنْ تكلَّمَ قالَ ما يَجِبُ فَيَسْمَعُهُ ولا يَسْمَعُهُ غَيْرَ مَنْ مَسّهُ الألَمُ
وقِسْمٌ يَنْظُرُ مُنْتَظِراً أنْ يُنْقِذَ البِلادَ منْ قَبْضَةِ قُطّاعِ الطُرُقِ منْ يُنْقِذُها وهو لا يَعْرِفُ أنَّهُ سَيَنْتَظِرُ

البعضُ يمضي
البعضُ يأتي(4)
وأنا سأشْرَبُ القهوَةَ على مَهْلٍ
لأتأمل على وجهها الكون و أتذوَّقُهُ
وسأقرَأ جَريدَتي مَرّتَيْن
مَرّةً مِنَ اليَمينِ
ومَرَّةً مِنَ اليَسارِ
لا يُهِمُّ بِمَنْ سَأبْدَأُ منهما
فكلاهما
يدَّعي الذي لا أشاء
وَالجَريدَة التي لا يهم أن أذكر اسمها ـ مُنْذُ قاطَعْتُ الصُحُفَ الصَفْراء ـ
لا يهمّها لو نَشَرَتْ إشاعة كأنها خبر في زحمة الأخبار
فالخبر اليقين لم يعد يقينا في زحمة الإشاعات
وهات يا من يشاء
ما تشاء
من سفسطات
ومن ترهات
ما دمت تشاء
أن تصبح شيئا في الأشياء
والأشياء في واقعها أشياء
بعضها يَصْلُحُ بعضها يُصْلِحُ بعضها يَقْتُلُ بعضها يُهْمَلُ بعضها إرْمِهِ إرْمِهِ بلا أسَفٍ لا أسَفَ لمَنْ يَمْشي على قدميهِ إلى هَدَفٍ أسْمى تَسْمى
أرغب فيما أرغب
أن أقرأ يوما جريدة بيضاء
أقرؤها
من فوق
إلى تحت
من العنوان
إلى الإعلان
تعلن فيه الجريدة اعتذارها للقراء
كم أتمنى أن أشرب القهوة بالبن الصافي
هل توجد قهوة بالبن الصافي
فأغني
للزين
اه يا زين؟!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى