الأربعاء ٤ آذار (مارس) ٢٠٠٩
بقلم باسل محمد البزراوي

واجعل جراحَك كالصلاة

مرجَ ابن عامرَ قد أتيتُك زائراً
فتكسّرتْ في وجهيَ القسَماتُ
 
وتكسّرت أوتارُ قلبي عندما
عزفت عليها لحنَها الحَسَراتُ
 
وترقرَقتْ فيك الدموعُ وأعقبت
آهاتِ حزنٍ ما لهنّ حُصاةُ
 
ورأيتُ فيك ملامحَ الفقراء إذ
غرُبت ,وأغرقها هناك سُباتُ
 
وشممتُ رائحة العروبةِ والهوى ال
عربيّ تحملُها لنا النّسَماتُ
 
كانوا هنا....كانوا هناك , فهذه
زرعينُ تدمي عينَها العَبَراتُ
 
تبكي وترثي ماضياً ألِفَتْ به
عطشَ السنين وهولَهنّ قناةُ
 
ظمِئت وكان بها البهاءُ وريِّق ال
غيثِ الفلسطينيّ والسّرَواتُ
 
هذي "المزارُ" وتلك "نورسُ" ترتوي
من نبعها الصافي الجميلِ طغاةُ
 
نجمٌ هنا, وهناك شمسٌ تشتكي
وهناك بدرٌ غازلتهُ فتاةُ
 
ذبلتْ زهورُ الحيِّ بعد صبيّةٍ
كانت لها مع أرْجِها غدَواتُ
 
أفُلت نُجَيماتُ السماء وأرّقت
حلمَ الثرى في نومهِ " البهواتُ"
 
تاهت بصحراء العروبة واحتست
كأساً كأن به السّرابَ فراتُ
 
تروي لنا التاريخَ في غلَسِ الدجى
لتصيرَ روحَ وجودِنا النّكَباتُ
 
مازلتَ يا مرجَ ابن عامرَ شاهداً
وقلوبُنا لترابك الشُّرُفاتُ
 
حملت بك الأحلامُ يوماً عندما
هبّت على أرجائك الغزَواتُ
 
وتألّمت فيك الحجارةُ والثرى
والروحُ والأردافُ والطرقاتُ
 
كلٌّ غريبُ الدار ما حفلت به
آمالُهُ أو كرَّمَتهُ ولاةُ
 
وتراءتِ الأيامُ في آفاقنا
موتاً كأنّ ورودَهُ خطواتُ
 
كبرت مع الحزنِ الطويل نفوسُنا
واستيقظت تحت الركامِ رفاةُ
 
فالأمسُ أجهشَ بالبكاء , ويومنا
ألمَ السنين وليلها يقتاتُ
 
مرّت عقودُ المحل في ساحاتنا
وكأن يومَ مرورها سنواتُ
 
مرّت سنون الحزنِ باسقة على
أعطافها في مرجنا اللهفاتُ
 
أعوامُنا مرّت وما سكنت لنا
رغم الفراقِ على النوى حركاتُ
 
فالبؤس يعمل في القلوب ويستقي
ما تستقي من جوعها المأساة
 
كانوا هنا بالأمس مرجاً من زنابقَ
راقصاتٍ ما لهنَّ رعاةُ
 
كانوا هنا سيفاً تشرِّعُه الأكفُّ
فتختفي قدّامه العدواتُ
 
كانوا هنا كالطود يشمخُ عالياً
وتئنُّ تحت حذائه الفلواتُ
 
كانوا هنا كالخنجر المزروع في التاريخ
تخشى حدَّه المدياتُ
 
كانوا هنا علماً على علمٍ يرفرفُ
تستظلُّ بظلّهِ السمراتُ
 
كانوا هنا كالفجر يعشقه الصَّبا
وتطلُّ فوق جبينه القطراتُ
 
فاكتب كما شاءت لك الأقدارُ من
ألَمٍ يئنُّ وتشتهيه عتاةُ
 
وارسم على جدران قلبك صفحة
وانقش بها ما شاءت الكلماتُ
 
لا تنس شبراً من ترابك إنه
عشق الثرى بقبورهم من ماتوا
 
لا تنسَ ذكرَ ثرى فلسطينَ الذي
قد دنّسته برجسها الحشراتُ
 
واحمل كلونك ذرّة من أرضها
كي لا تهيمَ بقتلك الظلماتُ
 
واجعل جراحك كالصلاة لأجلها
فلأجلها جازت هنا الصلواتُ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى