الأحد ٢٩ تموز (يوليو) ٢٠١٨
بقلم كريم مرزة الأسدي

والدرُّ يســكن في قعر الدّجى الصدفا

فردٌ إذا غـابتِ الأنظارُ رؤيتهُ
فالعيبُ فـــي الطرفِ،لا في نجمهِ وكفـى!
ما كـــان عبقرُ حكراً للذي ســلفوا
هـــذي النوابغ أثــرتْ سلفــــها تُحفا

من البحر البسيط، هكذا ولدت القصيدة، وخلّها حرّة تأتي بما تلدُ!! راجع الهامش رجاء.

اكرمْ بدنياكَ، كدر الهمَّ قدْ سلفا
أنّى حللّتَ بــأرضٍ عشـــتها نجفا
تحلو الشمائلُ منِ ألْفٍ ومنْ ألَفٍ
حتّى صرفتَ الذّي ما كان منصرفا!
"فاستوحِ مَنْ طببَّ الدنيا بحكمته"
قدْ ثارَعدلاً، أزالَ الظلمَ والسّدفا
بُعْدٌ يقرّبُ منهُ الوجـدَ، تلهمهُ
إشعاعَ فكرٍ، وقدْ زان الورى شـرفا
عشْ ذائباً في سموِّ الرّوح أزهدهمْ
عيشاً،وكان أخاً للمصطفى وصفا
هذا العراقُ،ويأبى اللهُ قسمتهُ
أرضى الإمامَ،وأرضى الصحبَ والخلفا
لو داعشٌ لعّبتْ في لِعبها لُعَباً
تبّاً لها لنْ تنـــــالَ الظـــــهرَ والكتفا
شعبٌ تآخى على مرِّ العصور،فلا
أعني سوى الشعب مَنْ في مجْدهِ حُلِفا
يا حادياً بثْ خفايا القلب اعذبها
حـيِّ العراق، وحـــيِّ الأهلَ والنّجفا
ذاكَ الغريّ،وراحُ الشّعرِ(نابغُهُ)
إذْ غــرّ (أحمدُ) كأسَ (الجوهرِ) ارتشـفا(1)
أنت ابن ذاكَ وهذا، والروي نسبٌ
اغرفْ أجدتَ،كما كانا،وما اغترفا
لا تأبهنَّ بسجنِ الدار مؤتزراً
فالدرُّ يســكن ُ في قعر الدّجى الصدفا
دعْ عنكَ مَن يرتقي عرشاً بهابطةٍ
والهــابطاتُ لكعبٍ سمتها الخسفا
خمسون عاماً مضتْ منْ لا أباً لهمو!
تصحيفَ لؤمٍ،ويأبى اللهُ ما صُحِفا
إنَّ المقاديرَ إنْ غالبتَـــــها غُلِبتْ
تغدُ المطيّةُ، ركّــــبْ فوقها الهدفا
وانشد رعاكَ الذي ســواكَ نابغةً
واقلبْ عليهمْ بيوت الشعْرِ و (السلفا)!!
وارجعْ لدنياك شجواً أنتَ صاحبه
ريمٌ على القاعِ يا منْ قد رعى و وفى
يا أمَّ زيدٍ: ثلاثوناً و واحــدةٌ
لمْ نألفِ الخلفً، لا قــــطرُ البكا ذُرِفا
يا أمَّ زيدٍ: وأمُّ (الأُسْلِ) واسطة ٌ
والنّبعُ أينعَ في (عبّاســـهِ) و(صفا)(2)
هذي الرجالُ، إذا ما جُذرها رسختْ
مثل الرواسي تصــدُّ الريحَ إنْ عصفا
فردٌ إذا غـابتِ الأنظارُ رؤيتهُ
فالعيبُ فـــي الطرفِ،لا في نجمهِ وكفـى!
ما كـــان عبقرُ حكراً للذي ســلفوا
هـــذي النوابغ أثــرتْ سلفــــها تُحفا
لكنَّ مَن بدّدَ الأنـــــوارَأظلمُهمْ
والأرضُ تحجــبُ شـــــمسا بدرها خسفا
شتّــــان بينَ وضيعٍ ٌ أمــــرهُ تبَـــعٌ
للســـــاقطينَ وبيــنَ الحـــرِّ إن أنــــفا
أنتَ ابنها، لا ركامُ القشِّ راهبـةٌ
كلاّ، ولن مــن فحيح الصــلَّ ترتجفا(3)
خذْ ما تشاءُ مـــــن التنويمِ هيمنة ً
أيــنَ البطولــــة ُللأبــــرارِ والشّـُــرفا؟!
منّا الحضاراتُ قد سـادتْ ركائزها
قـــفْ! واسألِ الدّهرَ إذْ كنّا، وما خلفا
لا يستبينُ ضحى الغبــــراءِ،عجّتها
تُدني الذليل وترمي عـــــــزّها قذفا
فوضى تشيرُ إلى الأقـــــــدارِ هازئةً ً
يا خيرَ مَــــنْ سلبَ الآنامَ أو نسفا!!
شعبٌ كــأنّ بلا عــرقٍ يعــرّقــــهُ
يـا للـرجالِ! ألا رأسٌ، فـوا أســـفا
عمرٌ يمرُّ بذي الآمــــــالِ يرقبُها
يومـــاً بيـومٍ فلا بــرّتْ ولا نصـــــفا
إنّ الحياةَ إذا لا ترتجــي أمـلاً
كالمــــوت ســـــــيّان، إذْ أيّـامها حُتفا
يا صاحبيَّ قفا نحدو على وطـــنٍ
دامــي الجراح، قفـا يا صاحبيَّ قفـا!!
هلّ كانَ أعذبَ من ماءِ الفراتِ؟ وكـمْ
يا دجلةَ الخير! يا لهفي ومَنْ لهفا!!
يا دجلة الخيرِ! جرحٌ في ضمائرنا
قلبٌ يذوبُ، ودمـعُ العيــــــنِ قد وكفا
تباً لقومٍ يسودُ الجرمُ عالمهم
يغري الجهولَ، ويخشى العلمَ والظرفا
صبراً جميلاً على البلوى، وإنْ دهمتْ
نحنُ لها، وسيروي عزمنا النطفا
والدّهرُ ينجبّ ليلاً، أمــــــره عجبٌ
قــد يرتـــدي الأملَ المعقودَ ملتحفا
سمعاً! ولا أتّقي قولاً بخــــــاتمةٍ
عاش العراقُ، ليبقى فوقَ مَـــــنْ وصفا

(*) نظمت عدة أبيات ارتجالية عند وصولي مدينة النجف الأشرف سنة 2004 نسيتها وكان مطلعها:

اكرم بدنياك كدر الهمِّ قد سلفا
حيّ الإمام وحيّ الأهل والنجفا

وهذه الأيام تذكرت المطلع ونظمت على غراره، وختمت القصيدة قبل أحداث الموصل الأخيرة، ثم أضفت عليها بضعة أبيات بعدها، فولدت القصيدة هكذا بذاتيتها وموضوعيتها

(1) النابغة الذبياني من حيرة النجف، أحمد بن الحسين المتنبي من كوفة النجف، الجواهري ابن النجف!!

(2) أسيل أم صفا، ابنة الشاعر واسطة العقد، وزيد الابن الأكبر، وعباس الأصغر

(3) أنا أحياناً أسير على نهج المدرسة الكوفية، ولي مؤلف (نشأة النحو العربي ومسيرته الكوفية / مقارنة بين النحو الكوفي والنحو البصري)، والمتنبي والجواهري كثيرا ما ينهجانها، وهما من أبنائها، وأنا أزعم كذلك، وعراقتي فيها تمتد لمئات من السنين، المهم، العرب قد يفصلون بين لن ومعمولها، والكوفيون يسيرون على الشاذ حتى أنني في بحثي عن الضرائر الشعرية، ونشرته خمس حلقات مطولة، أدرجة خمسين ضرورة شعرية!!، ومنها ما سمع من العرب قولهم:

لن ما رأيت أبا يزيد مقاتلا
أدعَ القتال وأشهدَ الهيجاء

المعنى لن أدع القتال ما رأيت أبا يزيد مقاتلا، ـ (ما) مصدرية ظرفية تسبك مع ما بعدها بمصدر أي لن أدع القتال مدة رؤيتي أبا يزيد مقاتلا.والفعل أدع: منصوب بلن، وأشهد منصوب بأن مضمرة جوازا بعد واو العطف والمصدر معطوف على القتال.

البيت من الكامل وهو في خصائص ابن جني:2/411، ومقرب ابن عصفور: 1/262، ومغني لبيب ابن هشام الأنصاري: 373

شرح هذه النقطة فقط للتوضيح، والقياس على غيرها.. والشعر صعبٌ وطويل سلمه!!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى