الأحد ٢٦ آذار (مارس) ٢٠١٧
بقلم فاروق مواسي

وزن تمَـفْـعَـلَ

هناك كلمات في العربية لم تحظ باعتراف المعاجم، ومنها ألفاظ كثيرة وردت على وزن "تمفعل".

ساق ابن جِـنّي في كتابه (الخصائص) بعض الأمثلة على وزن تمَفْـعَـل، فقال:

"جاء تمسكن وتمدرع وتمنطق وتمندل وتمخرق وتمسلم، فتحملوا ما فيه تبقية الزائد مع الأصل في حالة الاشتقاق، كل ذلك توفية للمعنى وحراسة له ودِلالة عليه، ألا ترى إذا قالوا تدرّع وتسكّن عرّضوا أنفسهم لئلا يُعرف غرضهم: أمِنَ الدرع والسكون أم من المِدْرعة والمسكنة، وفي هذا حرمة الزائد في الكلمة عندهم حتى أقروه إقرار الأصول".

يقصد ابن جني أن "تدرّع" لبس الدرع في الحرب، بينما "تمدرع" لبس مِدرعة أو قميصًا من صوف، و"سكن" من السكون ضد الحركة، و"تمسكن" من المسكنة بمعنى الفقر.
وبالمثل "تنطّقت" المرأة- إذا شدّت شُقّة (قطعة مشقوقة من الثياب)، بينما "تمنطقت" لبست مِنْطَقة، أي ما يُشدّ به الوسط.

وهكذا نجد الفرق بين المعنى بدون الميم وبين المعنى معها.

يرى ابن جني أن حرف الميم الزائد له حرمته في الاشتقاق، وكأنه حرف أصلي في الكلمة.
(الخصائص، ج1، ص 228).

يورد ابن قتيبة في (أدب الكاتب، ص 609) وتحت عنوان "شواذ التصريف" ما قاله سيبويهِ عن الميم الزائدة في أول حرف، فذكر منها "تمفعل، حيث أشار بقوله: "وهو قليل".

ونظرة إلى الشعر العربي القديم فقد وردت (تمسكن) في شعر المعري:

تمسكن طيبًا أم تمسكن حلية
فإني رأيت النوع يلحق بالجنس

ووردت (تمنطق) في أبيات كثيرة منها قول الشريف الرضيّ:

ولرب منذلقٍ تمنطق سيفه
بنجيع كل مُمنطقٍ ومُسوَّرِ

في المعاجم القديمة نجد هذه الصيغة في الكلمات التالية:

تمرأى الرجل: إذا نظر في المرآة، وفي المأثور: "لا يتمرأى أحدكم في الماء – أي ينظر وجهه فيه". – (ورد في كتاب ابن الأثير- النهاية في غريب الحديث والأثر، رقم 380.)

تمرفق الرجل: إذا اتكأ على مِرْفَقة أي مِخدّة، بينما "ترفّق تعنى تلطف.

تمكحلت المرأة- إذا تناولت مُكحلة لتتكحل بها.

تمولى الرجل: إذا تشبه بالمولى أي السيد.

تلاحظون أننا نستعمل في لغتنا المعاصرة، ومنها ما هو في لهجتنا الدارجة كلمات على وزن "تمفعل":

تمرجل، تمرجح، تمحور، تمركز، تمخطر، تمسمر، تمظهر، تمعلم (ادعى العلم)، تمفصل، تمشكل، تمشور، تمسخر، تمأسس، تمشيخ، تمترس، تمجنن.... وغير ذلك كثير.

السؤال:

هل تبقى هذه الكلمات، بهذه الصيغة خارج المعاجم؟

لماذا ينبذها بعضنا بحجة أنها غير واردة في المعجم؟

وبعد، فإني أرى قبولها ما دام ابن جني أجازها والسيوطي ذكرها (المزهر، ج2، ص 41) وكذلك أجازها مجمع اللغة العربية، كما أجازها شوقي ضيف- رئيس مجمع اللغة العربية سابقًا.

انظر كتاب (في أصول اللغة) لمجمع اللغة العربية ج1، ص 44 وما بعدها، ج3، ص 326.

فهل تتمعجم هذه الكلمات؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى