الثلاثاء ٢٢ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٢
بقلم خالد السيد علي

وضحكت عليّ الدنيا..

(من دفتر عواد التربي: حكايات الموتى)

سرد أحد نزلاء المقابر لدى عواد حكايته لتكون عظه أو حكمة لمن يقرأ ما دونه عواد في سجلاته عن حكايات الموتى..

يقول النزيل 1890 –وهو تاريخ دفنه- بدأت من تحت الصفر، كنت شيالاً بميناء الإسكندرية ثم تمكنت أن أكون رئيس الشيالين في فترة قصيرة من عملي بالميناء رغم صغر سني، لقد كنت محبوباً من الزملاء، ومكروها من المسئولين لأنني أطالب بحقوقنا المشروعة كعمال مطحونين يعملون ليل نهار من أجل ملاليم لا تكفي سد جوع أطفالنا حتى منتصف الشهر، وحالفني الحظ، واستطعت أن أقوم بالاتجار في الملابس المستوردة كتاجر شنطة، وبدأت رحلتي من هنا.. جمعت المليم على المليم والقرش صاغ على القرش صاغ والجنيه على الجنيه حتى غامرت بكل ما ادخرته في عمليات الاستيراد والتصدير(ضاحكا) كنت استورد ولا أصدر فنحن في بلد استهلاكي..المهم صرت في سنوات قليلة صاحب مال ثم توالت الصفقات وانهمرت عليّ الأموال وأصبحت ثرياً، أخذتني الحياة، وشعرت أني أملك كل شيء فأي شيء أريده أشتريه على الفور دون عناء مثل ذي قبل أيام الفقر والضنك، حتى اللذة كنت أشتريها عندما أشتهيها في أي أنثى..كله بالفلوس.. لم أكن يوما شهوانياً، ولكن عندما امتلكت الفراغ والمال وتركت كل شركاتي في أيدي أبنائي أصبحت الشهوة ملاذي.. غرقت في بحور العاهرات والساقطات والاستمتاع برفاهية الحياة وأنا أتنقل من بلد لآخر ومن نزهة لنزهة ومن امرأة للصغار العذارى أنتقم من أيام السعادة لأنها تأخرت عليّ سنوات طويلة وحجبت عني متاع الدنيا التي نعيشها مرة واحدة إلى أن (مكفهرا) عصفت بيّ أيام السعادة وقذفتني إلى الوراء إلى أيامي السوداوية وراحت تذلني وتعصف بأبنائي وهي تسترد ثرائي ولا عزاء للبلهاء، اعترفت أن الدنيا خدعتني وضحكت عليّ ببراعة!​

تمت


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى