الأربعاء ١٣ نيسان (أبريل) ٢٠١١
بقلم حسن أحمد عمر

يا أعداء الحب والسلام زولوا

نعم لن أكره من يخالفنى الدين ولن أعاديه ولن أتربص به الدوائر ولن أنتظر شراً يحيق به أو مرضاً يودى بحياته أو كارثة تقوض أحلامه أو مصيبة تسود ايامه، لأننى لو كنت كذلك فلا يحق لى أن أكون إنساناً من بنى آدم ولا يحق لى أن أتمتع بنعم الله فى كونه ولا يحق لى أن أبقى تحت سماوات الله تعالى، لأننى فى هذه الحالة سأكون -لا قدر الله- حقداً يمشى فوق الأرض وفساداً يعيث فى ملكوت الله.

من أنا حتى أعادى من يخالفنى الدين أو اكرهه أو أحيك ضده المؤامرات لإفساد حياته وملئها بالمنغصات؟ من أنا؟ ومن أوصانى ذلك؟ ومن علمنى أن أكون هكذا؟ ومن سمح لى بالتدخل فى دينه ومعتقداته وآرائه وأفكاره وتوجهاته؟ من أذن لى بأن أنصب من نفسى قاضياً وجلاداً عليه؟ من أذن لى أن أفتش فى قلبه وعقله عن حقيقة معتقده وطبيعة علاقته مع خالقه ؟.

إننى كإنسان محدود القدرات ومحدود العمر ومحدود القوة ومحدود العقل لا أملك لنفسى ولا لغيرى ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، ولم يجعل الله للواحد منا غير قلب واحد فى جوفه وعلى كل منا أن يملأ قلبه بواحد من نقيضين فإما أن يملأه حباً يفيض على نفسه وأهله وعياله وكل من حوله وإما أن يملأه حقداً يدمره ويدمر كل من وما حوله لأن الحب من الله تعالى والحقد من الشيطان الرجيم.

وإما أن يملأ قلبه إيماناً بالله وكتبه المقدسة ورسله المكرمين وملائكته الأبرار واليوم الآخر بكل ما فيه وإما أن يملأ قلبه كفراً وضلالاً وهروباً من الحقيقة الكبرى الأبدية وهى حقيقة الله تعالى خالق الأكوان ومبدع كل شىء بقدرته من العدم والمهيمن على أسرار الذرات ومكنون المجرات سبحانه وتعالى علواً كبيراً عما يصفون.

إن الله قد علمنا الحب فى كتبه السماوية بل وفرض المحبة والسلام بين العباد، ولم تكن المحبة والسلام نافلة من النوافل بل فرض على كل إنسان يعمر الكون أن يسالم أخاه وألا يمسه بأذى وألا يحيك ضده المؤامرات وأن يخاف على أمنه وسلامته وكرامته كما يخاف على نفسه، إذ أن الحياة لن تمر ولن تمضى هادئة سالمة إلا إذا عم الحب وانتشر, ومات الحقد واندثر, وملأت القلوب بهجة الصفاء لله ولخلقه تاركين دين كل الناس لرب الناس غير حاشرين أنوفنا فيما لا يعنينا ولا يخصنا من أعمال الله وإختصاصاته حيث هو الذى خلق وأبدع وأوجد, وهو الذى رزق وقدر وهدى, وهو الذى منح وأعطى ووهب وأكرم, وهو الذى منع وحرم وأخذ واذل وأفنى وهو الذى يتحكم فى غيره وغيره لا يملك التحكم حتى فى جناح بعوضة، فلماذا ننسى أنفسنا وننصب منها إلهاً يحاسب ويعذب ويعاقب, ألا تعلمون أن من يحشر نفسه بين الله والناس يكون كافراً بوحدانية الله وقدرته وجبروته؟.

الا تعلمون أن من ينسى نفسه ويجعل منها قيماً على خلق الله ومحاسباً لهم وفارضاً وصايته عليهم وقاهراً لهم فى إعتناق دين ما أو فكر ما أو رأى ما أو توجه ما ..من يفعل ذلك فليس من الله فى شىء, فلم يعينه الله قيماً على عباده وليس معه توكيل سماوى مختوم بأنه مسؤل عن أعمال الناس وعباداتهم وفقههم وزهدهم وورعهم, ولو رأى الله أن الناس يحتاجون لغير عقولهم وكتبه المقدسة ورسله الأخيار لأرسل فى الأرض حفظة يقفون فى وجه كل عاص، ويمنعون كل كافر من كفره وكل ظالم عن ظلمه، ولكن الله لم يشاً ذلك بل كان وسيظل قانونه الأبدى ( لا إكراه فى الدين).

لقد كان خاتم الرسل (ص) يحب أن يؤمن كل أهل الأرض بالله تعالى وقرآنه وكان يبذل قصارى جهده لهذا الغرض وكان يحزن حزناً شديداً عندما يرفض الكثيرون دخول دين الله فكان الله يقول له:

( لعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً)

ثم يقول له:
(إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء)

ثم يقول سبحانه لنبيه ورسوله:

( وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغى نفقأ فى الأرض أو سلمأ فى السماء فتأتيهم بآيه)

ثم يحسم الله مسألة هداية الناس له هو وحده سبحانه:

(ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء)

إن حتى هؤلاء الذين آمنوا بالله وكتابه ورسوله وتجمعوا مع النبى لم يكن محمد (ص) هو من ألف بين قلوبهم ولكن الله فعل ذلك:

( لو أنفقت ما فى الأرض جميعأ ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم)

أيها الناس:

إن تجميع قلوب العالم على طريق واحد ودين واحد وهدف واحد وراى واحد كما سبق ليس إختصاصاً بشرياً على الإطلاق ولا حتى من إختصاص الأنبياء والمرسلين لانه من خصوصيات الله رب العالمين ولذلك فقد حسم الله النزاع فى ذلك حين قال:

(ولوشاء ربك لآمن فى الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)؟؟
ولذلك فلن اكره من يخالفنى فى الدين بل سأحبه وسأحترمه لأنه إنسان وحسابه على خالقه وليس على مخلوقاته ونهايته فى يد مولاه وليس فى يد عبد منا ميت آجلاً أو عاجلاً ينتظره الدود ليتغذى على جسده الفانى، فاتركوا العظائم لخالق الكون فمن أنتم حتى تحاسبوا العباد ؟ وأين انتم من عدالة رب العباد فالعودة العودة يا من نصبتم من نفوسكم إلهاً يحاسب ويعذب ويقتل ويحرق ويفجر ويدمر وما الله بفاعل ذلك فهو أرحم على الإنسان من أمه التى ولدته ولا يرضى لعباده الكفر وقد قال:
( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم)

إن دعوة الحب والسلام بين كل الأمم على ربوع الأرض يجب أن تكبر وتنتشر وتعم لأنها دعوة الخير التى نادى بها كل نبى ورسول ومصلح ومفكر وصالح وتقى وبر ورحيم، فما اقبح الحروب وما ألعن القتل والدمار فى أى مكان فلا مبرر له ولاداعى لحدوثه ولو كانت هناك أمة شريرة تنشر الفساد فى الأرض فليقف العالم أجمع فى وجهها حتى تعود إلى رشدها وتعلو راية الحب والسلام, اللهم لا تجعل كلامنا شعارات نرددها وأهازيج نغنيها رياءاً ولكن اجعلها حقائق باهرة وشمساً ساطعة يعيشها الناس فى كل بقاع الكون .

دعوة السلام هبطت من السماء إلى الأرض لأنها حق لكل مخلوق ونعمة من الله على عباده، فمن يحرم عباد الله من نعمة الحب والسلام فاللهم احرقه بنارك ومن ساهم فى نشر دعوة الحب والسلام فاللهم أدخله فسيح جناتك وأكرمه فى ملكوتك

(( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ))


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى