الأحد ١ أيار (مايو) ٢٠٠٥
شاعر عراقي يغرد لديوان العرب من العراق
بقلم وحيد خيـــون

يا أُمّ َ مُشتاق

يا أمّ َ مُشتاقَ قد ضجّتْ مَنايانا

ترْمِي الخطايا ولا نرمي خطايانا

يا أمّ مشتاقَ يا أختي وقد زعموا

بأنّ مِنْ بعدِ هذا الجَـدْبِ بُسْـتانا

وأنّ منْ بعدِ هذا الليل ِ شارقـة ً

وأنّ من بعدِ هذا الهدْم ِ عمْـرَانا

وأنّ من بعدِ هذا العسرِ ميسَرة ً

وأنّ من بعدِ هذا الحزن ِ سُلوانا

وأنّ من بعدِ هذا النوح ِ أُغنِيَة ً

وأنّ من بعدِ هذا الكفرِ إيمانا

ويُوعِدونَ ونحنُ الناظرونَ لهم

ويكذبونَ الى أنْ كانَ ما كانَا

يا أمّ مشتاقَ ماذا قالَ قائلـُهم ؟

فقدْ تبدّدَ شئ ٌ مِنْ خفايانا

هلاّ تحدّثَ عن آلامِنا رجُـلٌ ؟

وهلْ تأوّلَ شيئا ً من رزايانا ؟

وهل عرَفتُم مَدى ما راعَ أنفسَنا

وهل عرَفتُم أبي خيونَ ماعانى؟

وهلْ سألتُم أ هذا النورُ زائرُنا

وهل ننالُ من الجناتِ أكنانا؟

وهل نرى بعدَ ذاكَ الوِزرِ مغفِرة ً

وهل سيلقى قتيلُ البُـعْدِ رِضوانا؟

يا أمّ مشتاقَ ماذا تنقلينَ لها ؟

قد أصبحَ الشوقُ يا أُختاهُ أطنانا

أمسى بعيداً مدارُ الشمس ِ عن سكني

وأمستْ البيدُ تلوَ البيدِ سُكـّانا

طالَ السّـُرى وحفيفُ الجنِّ يرقبُني

حتى جعلتُ نجومَ الليل ِ أوطانا

* * *

يا أمّ مشتاقَ مَنْ يدري بلـَيْـلَـتِِـنا

ماذا ستطوي ومَنْ يدري بدُنيانا

قولي لها إنهُ جـَـارٌ يُؤرِّقـُنا

منهُ الأنينُ وإنْ لم نبْـدُ جيرانا

وإنّهُ طالما أعْـيَتْ سرائرُهُ

أفكـارَنا فأرَدْنا منـهُ هِجْـرانا

وإنّهُ كانَ من إخوان ِ طالِبـِنا

وأنّ - ليسَ أباهُ الحقّ َ- رَيْـكانا*

يا أمّ مشتاقَ يا أشواقَ قريتِنا

ويا نخيلَ بني سَعْـدٍ و شـُطآنا

ماذا تقولينَ لو أزرى بنا أحدٌ؟

والسامرونَ إذا عَابُوا مَرَايَانا

والزارِعونَ إذا سَبّـُوا سنابلـَـنا

جاءتْ نسائمُ مِسْـكٍ من سَجَايانا

أحْيَتْ روائعَ نبتٍ في طرائقِها

وأهلكَتْ بسَناها الطـَلـْق ِ شيطانا

ماذا نقولُ وماذا في دفاتِـرِنا ؟

وما سيقرأ ُ بعدَ الان ِ مَوْتانا ؟

قلوبُـنا خارجاتٌ مِن جوانِحِنا

بعدَ الفراق ِ , فبـِتـْنا الآنَ أبدانا

فإنْ تفارقَ جسمانا على عجـل ٍ

فما تفارقَ لا و اللهِ قلبانا

هنا وقد أصبحَ الهـِجْـرانُ حائِلـَنا

بقدْرِ ما أضحكَ الواشينَ أبكانا

هنا و وَجْهـُـكِ مفقودٌ تـُسائِلـُني

عنكِ الرؤى وأماس ٍ صرنَ نيرانا

إياكِ قلبي و أسوارٌ تـُمانِعُني

وكانَ قلبُكِ قبلَ اليوم ِ إيّـانا

أ أصبحَ الصُبحُ في ذي قارَ يذكرُنا

أمْ نذكرُ الصُبْحَ أشواقاً فينسانا

بعضُ الأحايين ِ في ذكراكِ أختِمُها

وثمّ أصرفُ قلبي عنكِ أحيانا

وتعلمينَ الذي تطوي رسائِلـُنا

واللهُ يعلمُ ما تنوي نوايانا

كيفَ القيامُ بوادٍ لا سوايَ بـهِ

ومَنْ تعوّدْتُ أنْ ألقاهُ قد بانا

وكيفَ صبرُ فؤادٍ لا سواكِ بهِ

وكم سيَحْـمِـلُ أوجاعاً وأحزانا

أمّا الأحِبّـة ُ يا قلبي فقد رحَلوا

وإنّ َ حيناً توَقـّـعْـناهُ قد حانا

وحدي أُقاسي ووحدي أستطيرُ أسىً

والقلبُ ينشـُبُ بُركاناً فبُركانا

ولستُ أوّلَ مَنْ أشقاهُ خالِقـُهُ

ولستُ آخِرَ مَـنْ قاسى و مَنْ عانى

ولستُ أوّلَ مَنْ خانَ الزمانُ بهِ

ولسْـتُ أوّلَ مَنْ فيها الهوى خانا

أمّا القلوبُ فشتـّى صارَ واحِدُها

وأصبحَتْ بعدَ ذاكَ اللون ِ ألوانا

والبيتُ أصبحَ أطلالاً مُبَـعْـثرَة ً

يصطادُ بعدَ طيورِ الحبِّ غِـربانا

وها أنا حينما لم تعرِفِي أحداً

تـَلقينني عندَ فقدِ الناس ِ إنسانا

* * *

يا أمّ مشتاقَ يا أُختاهُ ما بيَـدي

أخفى الأكارمَ صدّامٌ فأخـفانا

يجري الظلامُ فتستلقي قواعِدُهُ

مثلَ الشياطين ِ أرواحاً و أبْـدانا

يا أُمّ مشتاقَ صدّقـْنا وإنْ كَذبُوا

تلكَ الأقاويلَ مضموناً وعنوانا

فنحنُ أعذبُ ألفاظاً وأندِيـة ً

ونحنُ أثبتُ أفكاراً و أركانا

وليسَ قبحٌ بنا لو طارَ طائِرُنا

ولا لحُسْـن ٍ بنا لو عادَ يهوانا

قد نالَ عهدُ الهوى مني ومِن جسَدي

عُضواً فعضواً وشرياناً فشِريانا

أعطيتُ كلّ َ دمي طِيباً ومعذرة ً

فقدْ جُزيتُ بهِ غدراً ونُـكرانا

يا أُمّ مُشتاقَ عُذراً ساءَ خاطِرَتي

نوءُ العواصِفِ أحقاباً و أزمانا

مرّ الشِتاءُ و عادَ الصيفُ ثانِيَـة ً

وثمّ أفنيتُ أكــواناً و أكـوانا

يا أمّ مشتاقَ لا نُخـْفيكِ زوبعَـة ً

مَـرّتْ فزادَتْ على النيران ِ نيرانا

لا تسْـألي كيفَ أصبحْـنا بمَـوْطِنِنا

إنـّا أسِفـْـنا لأنّ اللهَ أبقــانا

الناصرية ـ العراق


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى