الخميس ١٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠٢٣

يوم الشهيد الفلسطيني

علي أبوهلال *

لنجعل ذكرى "يوم الشهيد الفلسطيني" حافزا لتحرير جثامين الشهداء وصون كرامتهم تحيي الشعوب الحية المناضلة والثورات المعاصرة ذكرى شهدائها، الذين ضحوا بحياتهم في غمار كفاحهم الوطني، ومسيرتهم التحررية من أجل الحرية والاستقلال وتقرير المصير لشعوبهم وأوطانهم، وأحيا الشعب الفلسطيني يوم السبت الماضي السابع من شهر كانون الثاني/ يناير، ذكرى "يوم الشهيد الفلسطيني"، الذي أُقِر عام 1969 تخليدًا لأرواح الشهداء الفلسطينيين في مسيرة النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي الكولنيالي الاستيطاني العنصري، وكان قد أُعلنت التورة الفلسطينية المعاصرة عن هذا اليوم في العام 1969 بعد 4 أعوام على ذكرى استشهاد أحمد موسى سلامة الذي استُشهد عام 1965 على إثر تنفيذه عملية "نفق عيلبون".

قدم الشعب الفلسطيني التضحيات الجسام من الشهداء والجرحى والأسرى، في إطار كفاحه الوطني التحرري الذي لا زال يخوضه منذ أكثر من مائة عام، ضد الحركة الصهيونية الاستعمارية الكولونيالية الاستيطانية لوطنه فلسطين. ومنذ نكبة فلسطين عام 1948 وقيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين وإلى اليوم، قدم الشعب الفلسطيني أكثر من 100 ألف شهيد، من أجل تحرير أرضه ونيل حريته والبقاء والصمود على أرضه، والدفاع عنها، وعن مقدساته وبيوته وأسراه، وفي مواجهة اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة وعصاباته الاستيطانية وسياساته العنصرية. ومن أجل تحقيق الحقوق الوطنية المشروعة وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في العودة والحرية والاستقلال وتقرير المصير.

وتشير الإحصائيات الفلسطينية إلى استشهاد 224 فلسطينيا في العام 2022، بينهم 53 من قطاع غزة. كما تواصل سلطات الاحتلال احتجاز جثامين المئات من الشهداء والأسرى في مقابر الأرقام والثلاجات، وقد تصاعدت هذه السّياسة مجددًا منذ عام 2015، ومع تصاعد أعداد الشهداء خلال العام الماضي، فإن عدد الشهداء المحتجزة جثامينهم منذ عام 2015، (117)، من بينهم 11 شهيدًا أسيرًا، وهم من بين 372، يواصل الاحتلال احتجازهم في مقابر الأرقام والثلاجات.

ومنذ عام 1967، قدمت الحركة الأسيرة 233 شهيدًا، منهم 73 قتلوا جراء التعذيب، و74 نتيجة الإهمال الطبي المتعمد (القتل البطيء)، و79 نتيجة القتل العمد، و7 جراء قتلهم المباشر بالرصاص الحي، وهناك 11 جثمانًا من الأسرى الشهداء لم يُفرج عنهم بعد: أنيس دولة الذي استشهد في سجن عسقلان عام 1980، وعزيز عويسات عام 2018، وفارس بارود، ونصار طقاطقة، وبسام السايح وثلاثتهم اُستشهدوا خلال عام 2019، وسعدي الغرابلي، وكمال أبو وعر والذي ارتقى خلال عام 2020، والأسير سامي العمور الذي اُستشهد عام 2021، والأسير داود الزبيدي الذي استشهد عام 2022، ومحمد ماهر تركمان الذي ارتقى بذات العام في مستشفيات الاحتلال، وكان آخرهم الأسير ناصر أبو حميد، المحتجز جثمانه داخل معهد "أبو كبير" في الوقت الحالي.

وفي هذه الذكرى يستذكر الشعب الفلسطيني الشهداء الذين استشهدوا في كافة مراحل الثورة الفلسطينية ومسيرة النضال الوطني من كافة الفصائل وفي جميع المواقع داخل فلسطين وخارجها.

ولا بد من استذكار كل شهداء شعبنا العظماء الذين استشهدوا في كل مراحل الكفاح الوطني الذي خاضته الثورة الفلسطينية، في كافة الساحات والميادين، وهم يستحقون الوفاء من قبل شعبنا وقواه الوطنية.

كما لا بد من استذكار تضحيات ومعاناة أسرهم وأهاليهم الذين نالوا المزيد من المعاناة وقدموا التضحيات الجسام نتيجة استشهاد أبنائهم وبناتهم خلال العقود والسنوات الطويلة.

وهنا لا بد من التذكير بالمعاناة الطويلة والمستمرة لأهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم منذ سنوات طويلة سواء في مقابر الأرقام، أو في ثلاجات الموتى، حيث يحرم هؤلاء الشهداء من حقهم الطبيعي والإنساني، في تحرير جثامينهم ودفنها بكرامة، وفقا للأصول والتقاليد والعادات الدينية والاجتماعية، التي تحفظ لهم كرامتهم، وتصون حقوقهم الإنسانية، بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الانسان.

إن استمرار ومواصلة احتجاز جثامين الشهداء من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، يشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي الإنساني، ومبادئ حقوق الانسان، ويخالف كل الأعراف وقوانين الحرب، التي تؤكد حرمة جثامين الموتى والشهداء، وتصون وتحفظ كرامتهم الانسانية، حيت تمنع هذه القوانين والمبادئ التمثيل في جثثهم، أو تعريضها للأذى والانتقام والعقاب، كما لا يجوز احتجازها كرهائن في عمليات التبادل والصفقات الأخرى، كما هي سياسة وشريعة سلطات الاحتلال التي تنتهجها منذ عقود وسنوات طويلة، غير آبهة بموقف المجتمع الدولي، وسائر الهيئات الحقوقية والإنسانية، التي تدين هذه السياسة العنصرية وغير الإنسانية.

إن الوفاء للشهداء ولعائلاتهم يتطلب تصعيد وتوسيع التحركات الجماهيرية والوطنية في الوطن، وفي بلدان اللجوء والشتات، والعمل على الصعيد الرسمي والأهلي، من أجل توسيع وتفعيل الحملات الدولية والحقوقية والإنسانية على الصعيد العالمي، للمطالبة بتحرير جثامين الشهداء، وانهاء هذا الملف الذي ينتهك كرامة الشهداء وحقوقهم الإنسانية، ويشكل عبئا ثقيلا على كاهل عائلاتهم، بل يشكل عقابا لهم من قبل الاحتلال، وهذا في حد ذاته يشكل ممارسة لسياسة التعذيب المنهجي لهم. فمن حق الشهداء أن يتم تحرير جثامينهم، ودفنها بما يصون كرامتهم، وفقا للعادات والأصول والتقاليد الدينية والاجتماعية المرعية.

*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.

علي أبوهلال *

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى