السبت ١٠ آب (أغسطس) ٢٠١٣
دريد لحام .. وعادل إمام:
بقلم مريم علي جبة

أبكيتمونا وكأننا لم نبكِ من قبل

لم تكن الدراما في هذا الموسم غائبة عن المشهد العربي الذي تشهده عدد من بلدان العُرب «أوطاني»!! .. هذا المشهد الذي لا نبالغ لو أطلقنا عليه بالمشهد المأساوي .. وكان المشاهد في رمضان على موعد يومي مع أعمال درامية سورية ومصرية تحكي معاناة الناس بتفاصيل حتى ولو كانت غير دقيقة لكنها تفاصيل واقعية عانى منها ولا يزال شعب البلدين..

وفي هذه السطور لا نريد الغوص والشرح فيما يتعلق بالمسلسلات التي طرحت وبشكل واضح وصريح وجريء واقع عربي إن لم يكن مرعب فهو على الأقل صعب ومزعج إلى حد كبير لا بل هو واقع كارثي بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى .. إلا أننا وددنا أن نتحدث عن عملاقين من عمالقة الكوميديا العربية وهما: عادل إمام ودريد لحام .. اللذان ظهرا في عملين رائعين هما: العرّاف .. وسنعود بعد قليل ..

ولنبدأ بالزعيم عادل إمام الذي يلعب دوراً متميزاً في مسلسل "العرّاف" دور فيه الكثير من الشجون والحزن .. عادل إمام اعتدنا أن نضحك عندما نشاهده نضحك للكوميديا الحقيقية .. لكننا في "العرّاف" وجدنا زعيم الكوميديا العربية وقد أضاف لرصيده لقباً آخر وهو "العرّاف" .. تلك الشخصية التي يتحدث العمل عنها والتي جاءت إلى الدنيا ولا تعرف لماذا جاءت خاصة وأن هذه الشخصية لا اسم لها ولا أب ولا أم ولا عائلة تنتمي إليها..وهذا ما يحكيه عادل إمام عندما يقول: انا جيت ع الدنيا دي غلط..بضحك في الوقت الغلط .. وابكي في الوقت الغلط !!

عادل امام في "العرّاف" وكأنه يختصر أعماله على مدى أكثر من نصف قرن ليقدم لنا شخصية جديدة أسماها "العرّاف" بأسماء عديدة من المحامي عبد الحميد البكري مروراً بالدكتور صبحي أبو الفضل وأسماء كثيرة اختصرها زعيم الكوميديا العربية باسم واحد هو "العرّاف".

وإذا انتقلنا للحديث عن الفنان دريد لحام فإننا سنرى شخصية مختلفة أيضاً في مسلسل "سنعود بعد قليل" .. شخصية تُبكي المُشاهد دون أن يدري من خلال "نجيب" الذي يلعب دوره لحام الذي يسعى بكل ما يحمل من داخل نقي ونظيف ومعطاء للمّ شمل السوريين الذين يعيشون أزمة لم تكن على بال ولا على خاطر ..

وفي إحدى الحلقات ثمة مشهد يجعل المشاهد يقف كثيراً أمام ما تحدث به "نجيب" عندما يكون عند الطبيب في دمشق يعمل فحوصات للسعال الشديد الذي ألمّ به فيقول له الطبيب أن حالته الصحية غير مطمئنة وعليه أن يذهب إلى بيروت للاطمئنان عن صحته بشكل أفضل..فيقول "نجيب" للطبيب: بدك ياني اترك مشافي ودكاترة الشام وروح على بيروت ؟؟ .. فيرد عليه الطبيب بالقول بأنه وبسبب الأزمة التي تعاني منها سورية صعب التكهن بالنتائج فضلا عن أن الأمر سيأخذ وقتاً طويلاً وبأن صحته لا تسمح بالانتظار..حتى أن الطبيب يطلب منه أن يبقى في بيروت عند أبنائه حتى تنتهي الأزمة في سورية .. فينظر "نجيب" إلى الطبيب ويقول له: والله يا ابني بخجل احمل شنتايتي وامشي بالحارة..بخجل من أرض الديار..بخجل من الشبابيك..بخجل من الأولاد اللي بعدهم عم يلعبوا بحواري الشام!!!

إنها صورة تثير الكثير من الشجون..وصور ومشاهد أخرى ربما جعلت كل من تابع دريد لحام في "سنعود بعد قليل"يبكي بحرقة .. ولا نريد هنا أن نستبعد مشهد "نجيب" وهو في الكنيسة في بيروت.. وفيروز ترتّل بصوتها الدافئ أنشودة "يا مريم" كان "نجيب" يبكي، يبكي الفرقة..يبكي غياب التعايش،يبكي الوطن .. وكان بكائه يحكي في لحظة عبادة قصة وطن اسمه "سورية"..

عادل إمام .. ودريد لحام .. أبكيتمونا في هذا الموسم الرمضاني .. أبكيتمونا وأثرتم فينا الشجون ..

هذا هو الفنان الحقيقي .. يُضحكك ويبكيك .. لكن بكائنا الآن.. بكاء حقيقي.. وليس تعاطف مع مشهد درامي.. بكاء على الوطن .. وبكاء من ظلم البشر..

تحية حب وتقدير لكما .. عادل ودريد


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى