الأربعاء ٢ أيار (مايو) ٢٠٠٧
بقلم هند فايز أبوالعينين

(أبو العينين) ترد على (أبو ريشة)

عن جريدة الرأي الأردنية

في 2 أيار 2007

فاجأت السيدة زليخة أبو ريشة قراء الرأي يوم الأربعاء الخامس والعشرين من نيسان الجاري بمقال لا يخلو من سخرية مبطنة، في حين أنه يتناول موضوعا لا مكان للسخرية في التعامل معه، ذلك أنه خط من الخطوط الحمراء في مجتمعنا المؤمن بكافة طوائفه.

تقول السيدة زليخة في مقالها ما مختصره أن ظاهرة التديّن المنتشرة في مجتمعنا، وبمظاهرها المتعددة من زيادة عدد النساء المحجبات وزيادة أعداد آمّي المساجد وقت الصلاة وفتح مساحات للصلاة في أماكن العمل، تقول أن هذا التديّن لم يؤت فائدة للمجتمع بأي جانب نظرنا إليه. واستطاعت الكاتبة أن تطرح تساؤلات تحاول بها الربط بين كل الممارسات الاجتماعية السلبية، فردية كانت أو جماعية ، وبين انتشار التديّن في المجتمع، فيما أرادت به أن يظهر كخيبة أمل من أن التديّن ليس هو الحل الشامل كما ينادي الوعّاظ. وفي محاولة ظاهرة للتملـّص من إبداء الرأي الجازم بطريقة تثير حفيظة القارىء المتأنـّي، تطرح الكاتبة رأيها بطريق الاستفهام، فيغلب السؤال على مقالها. لكن الفكرة واضحة وضوح الشمس.

لا نعلم إن كان اختيار الكاتبة لظاهرة التديّن لتقرنها بعدم القضاء على عيوب المجتمع مقصودا. أم أنها كانت على وشك الكتابة عن التصويت للبتراء في ظل الممارسات الاجتماعية السائدة، أو تشجيع السياحة الداخلية في ظل العنف على النساء- مثلا ، ثم اختارت ظاهرة التديّن، فهي تصلح كغيرها إن أخذنا بمدى الترابط .

لا نعلم أيضا في ذات السياق، إن كانت الكاتبة تستطيع أن تتجاهل أن الرسالات السماوية كلها تتمحور حول بناء الخير في الإنسان وغلبته على الشر، فيما سينعكس بشكل تدريجي ومطرد على المجتمع. لكننا بالتأكيد نراها تلمح بأسئلتها إلى أن على الفرد أن يضع جانبا مشاريعه في التعمق الديني وممارسات العبادة إلى أن يجد أنه وباقي الأفراد قد بذلوا الجهد الكافي لإصلاح المجتمع، إلى أن لا نرى شواهد للعنف، ولا يبقى إصلاح تربوي إلا ونمارسه ، وبعد أن نقضي على التعصب والتفرقة وكل ما خطر ببالها من ممارسات معيبة في المجتمع، سواء ما ارتبط منها بالتديّن أو لم يرتبط به.

لن نجادل بمنطق التاريخ وحقبه، كما ألمحت الكاتبة في مقدمة المقال. لكن هل يختلف اثنان في أن من أكثر مظاهر ارتقاء الفكر في أي مجتمع هو التوجه الجماعي إلى الدين. تلك الطاقة الروحانية الموحـِّدة لمجتمع تختلف فيه الأعراق والأصول واللغات وحتى الطوائف، تجد طريقها لتجمع الناس على عمل الخير، وإرادة الخير للفرد هي إرادته للمجتمع. فكيف نتجاهل إذن أن هذه الطاقة تستطيع أن تتدحرج لتجمع وتكبر ككرة الثلج ؟ ثم أن توجّه كل الفئات في مجتمعنا - برغم الفوارق بينها - إلى الخالق ، لهو نتيجة لأمرين اثنين : أولهما ارتفاع نسبة المتعلمين بيننا، وهذا يرقى بفكرهم وسويّة توجهاتهم في الحياة. والثاني هو الحرية. نعم ، حرية الاختيار ، وحرية ممارسة العبادات. فطوبى لمجتمع ما أن يـُمنح الحرية إلا ويتوجه لدينه، ويعلم أن للكون ربّاً يـُعبد.

أما عن عيوب مجتمعنا والعنف والتعصب وسواهما، فليس ثمة حلول معلـّبة وجاهزة الصنع، وإلا لكانت المجتمعات الملحدة الضالـّة بادرت إلى تصديرها إلينا، كما لم تأل جهدا في تصدير كل ما لديها لنتبعها ونصلـّي لها. لكن على الكاتبة أن ترى النصف المليء من كأسنا لتحمد الله على النصف الفارغ ، فعلى الأقل ليس بين طلاب جامعاتنا من يفتح النار على زملائه الأبرياء في لحظة جنون، ولم تشكل الممارسات السافرة في مجتمعنا ما يمكن أن نعدّه ممارسة نمطية بعد.

هند فايز أبو العينين

لقراءة مقال السيدة زليخة أبو ريشة الرجاء تصفح الرابط التالي :

http://www.alrai.com/pages.php?opinion_id=5792


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى