الجمعة ١٦ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٥
بقلم محمد محمد علي جنيدي

أحقاد حائرة

حينما يكون الواحد منا تافها فهو لا يسب ولا يحمد، وهو أيضا لا يرجى نفعه أو ضره، أو هكذا يكون.

أما عندما يكون أحدنا ظالما ويملك وسائل وأدوات الاستبداد والظلم فهو إما أن تقف الناس منه موقف الانتهازيين حاملي الدفوف والطبول أو تقف منه موقف الكارهين الخائفين وهم منه على حذر إلي ما شاء الله له حياة وحكما، فإن مات هذا الظالم وانقطع بطشه وهرولت بطانته إلى الكهوف والجحور وسكنت حاشيته وجلادوه بيوت العنكبوت - هنا وربما هنا فقط - تتخطفه الألسنة وتفوح قبائحه بالذى تقشعر منه الأبدان وتدور عليه الدوائر فترى الأقلام التى كانت يوما ما تمتدحه تمزقه شر ممزق وينقلب عليه مؤيدوه (وهم المنافقون) فيناصبونه أشد العداء وينعتونه بأرذل الصفات، تلك حقائق ثابتة وأمور طبيعية يعيدها لنا التاريخ عبر أزمنته المتعاقبة.

ولكنني أعجب كل العجب! حينما أرى رجلا وقد نال على مر القرون شهادة المبغض قبل الحبيب، والمكذب قبل المصدق والصديق، أعجب كل العجب! أن يكون هذا الرجل وقد ترك من الأثار المحمودة الخالدة ما تهتز لها أركان الجبال ومن المناقب الفريدة الرائدة ما يعجز عن وصفها أهل البلاغة والفكر والأدب، بل وأعجب كل العجب! أيضا حينما ينعته ربه وخالقه في قرآنه المجيد بقوله (وإنك لعلى خلق عظيم) (سورة القلم الآية 4) ..

ثم تأتي لنا سيرته العطرة لتفسر هذا المعنى وتأكد عليه ونراه فيها بالفعل هو أكرم الناس وأحسنهم عملا وفكرا وأخلاقا، ثم وبعد أكثر من ألف وأربعمائة عاما من انتقاله إلى الرفيق الأعلى، إذا بنا فجأة وعلى غير المتوقع يأتون أناس لنا بعدما سولت لهم أنفسهم أمرا وقد أصابهم سرطان الحقد والشطط ولعبت برؤوسهم الشياطين فضحكت عليهم ومالت بهم أهواؤهم وأحقادهم الحائرة ميلا عظيما فسقطوا ومازالوا هم يسقطون، فقد جاءوا هؤلاء ليسيئوا بعمد ومع سبق الاصرار إلى هذا النبي الخاتم وأخى الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام أجمعين.

وإني لأتساءل هل أردتم أيها الحاقدون بفعلكم هذا أن تؤكدوا لنا وتحققوا فى أنفسكم من جديد قول الله عز وجل (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون) (سورة القلم الآية 50) فتذهبون برمق الأمل الأخير في هدايتكم وإصلاحكم إلى غير رجعة أم أردتم أن نخرج معكم ثم نبتهل إلى الله كما جاء في آية المباهلة وقد حدث هذا لأمثالكم بالفعل من قبل فنجعل لعنة الله على القوم الكاذبين يقول الله عز وجل (فمن حآجك فيه من بعد ما جآءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنآءنا وأبنآءكم ونسآءنا ونسآءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين) (سورة آل عمران الآية 61)

إن الذى يقرأ التاريخ محايدا ومنصفا ولم يؤمن برسول الله (وله كل الحرية في ذلك) أرى أن أقل مقام يقف به صوب رمز الإسلام والمسلمين سيدنا رسول الله هو مقام الاحترام والتوقير لا مقام السب والقذف الذي لا يهين فى النهاية إلا صاحبه.
الكلام يطول بنا جدا، ولكنني أود أن أختتم حديثي فأقول: ياهؤلاء! إننا لن نبادلكم السباب بالسباب فلم يعلمنا رسولنا الكريم هذا قطعا، ولكننا لا نقول فيكم إلا مايرضي ربنا (حسبنا الله ونعم الوكيل)، وها نحن نهيب بكم أن تضعوا حدا لتهكماتكم، ولتحذروا ولتعلموا أن الله يدافع عن الذين أمنوا، فما بالكم حينما يدافع ويذود عن أحب خلقه إليه حبيبه ومصطفاه وأول المؤمنين وخاتم النبيين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فمن هذا الذي إذن أوقعكم في رسول الله ؟! وهل ستدركون مصيبة تجاوزكم وتتوبون منها عن قريب، ندعوكم لذلك

يا أهل السباب! اعتذروا إلى الله ورسوله وادركوا التوبة على فعلتكم قبل أن يباغتكم الله بعذاب أليم.
وأخيرا.. يا رسول الله .. معذرة، وها نحن نعرض معك عن الجاهلين حتى يفيقوا ويعتذروا ويتوبوا إلى الله عما اقترفوه في حقك يا سيد الخلق أجمعين.

ونصلى عليك وعلى آل بيتك كما يحب لكم الله ويرضى، اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى