الثلاثاء ١١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١١
بقلم أحمد مظهر سعدو

أربعين الراحل الدكتور كامل عمران

هو الصديق الصدوق، الودود المحب، البسيط المتواضع، العالم الاجتماعي، الباحث في قضايا المجتمع والأمة - كل الأمة .. والراحل الكبير الذي نقف في ذكراه الأربعين فنضع وردة على قبره، ونتأمل هنيهة في فكره، وعطائه لكل من درس علم الاجتماع في سوريا في العشريات الأربع الماضية .. هذا الرجل الذي امتلك قدراً من العفة، والأخلاق الرفيعة، لم يستطع سواه - إلا القليل- من أن يتملكها ، فهو من زاوج بين العلم والأخلاق، وجمع بين الشيء وضده، فكان يحترم المعارض لرأيه، ويلاقح ثقافة الآخر، لأنه الإنسان السياسي والمعرفي الحواري، في وقت قلًَ فيه من يقبلون الفكر الحواري، وهو الباحث الموضوعي الذي يمتلك أرضية معرفية، حرص على تمتينها بجد وتعب، كما حرص على أن يكون منفتحاً - رحمه الله - على كل التيارات الفكرية والفلسفية، وهو العروبي المندمج بعروبته، الممتدة من أقصى الأمة إلى أقصاها .. لم يكن متعصباً ضد اتجاهات فكرية أخرى، بل كان وعلى الدوام ذلك الأستاذ الجامعي الحريص كل الحرص على الوقوف عند قضاياه المبدئية الثابتة دون المساس بآراء الآخرين، ودون تخطي عقليات فكرية مناوئة ، فهو المفكر الذي ما برح ينهل من معين فكر قومي عربي رفع أمامه قضية الأمـة المركزية .. قضية فلسطين، فكانت فلسطين – بالنسبة له – كما الجولان، كما جنوب لبنان، معياراً أساسياً لتقييم السياسة المنفلتة من عقالها .

لا لم يكن الراحل أبا أسامة كأي فرد يأتي ويذهب من دون أثر، بل كان ذلك الشامخ والباحث في العلم وعن العلم، فترك وراءه إرثاً معرفياً لا ينتهي على طريق بناء المجتمع العربي الديمقراطي .. ولقد اختلفتُ معه في بعض الأحيان، إلا أنني أبداً لم أشعر في لحظة من اللحظات أنني أمام الضد، أو النافي للآخر، بل كنتُ في حواري معه ألتقي في النهاية مع هذا الرجل الكبير في آخر الطريق ،رغماً عن الظروف التي من الممكن أن تضع كلاً منا في طريق مغاير للآخر .

رحل الدكتور كامل عمران، وهو مازال في عز عطائه، رحل هذا الرجل وفلسطين التي أحبها وعشقها مازالت الجرح الغائر في جسد الأمة، ومازالت العراق، بلاد الرافدين محتلة من قبل الأمريكي الغاصب، لكننا نحن أصدقاء هذا المفكر، مازلنا على نفس الطريق، طريق الوحدة العربية، وطريق فلسطين، الذي يمر من فوهة بندقية، ويمر من فكر مستنير لا يرفض الآخر، لكنه لا يقبل بأن يمتطيه ذلك الآخر.... نحو فلسطين وجولان وأحواز محررة .. ونحو مجتمع عربي ديمقراطي متحرر ومتقدم .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى