الجمعة ١٧ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٨
بيكاسو ونساؤه
بقلم رانية عقلة حداد

أعمال بيكاسو مرآة تعكس تقلباته العاطفية

كثيرة هي الأفلام التي تناولت حياة الفنان التشكيلي الأسباني بابلو بيكاسو وفنه لكن كل بأسلوبه ورؤيته الخاصة، وما يميز الفيلم الأسباني "بيكاسو ونساؤه" انتاج 2003 هو تناول المخرج الأسباني (مانويل بلاثيوس) لناحية محددة من حياته، وهي كما تتضح من عنوان الفيلم النساء اللواتي عبرن حياة بيكاسو والدور الذي لعبته كل منهن في حياته وانعكاس تأثيرهن على فنه.

يجمع هذا الفيلم في تناوله للموضوع بين الوثائقي والدرامي (الديكودراما) في صيغة الفيلم داخل فيلم، حيث مجموعة نساء في مرحلة التحضير والاعداد لفيلم عن بيكاسو ونسائه فشاركهن منذ البداية حتى نهاية الفيلم، بجمع المعلومات اللازمة وبالنقاش وتحليل تلك المعلومات المتوفرة، وبالتفكير في الصيغة النهائية التي سيقدم بها الفيلم، وتلك المعلومات الوثائقية مستقاة من مصادر مختلفة؛ فمن الصور الفوتغرافية لبيكاسو عائلته ونسائه، إلى اللوحات المتنوعة التي رسمها بيكاسو والتي تجسد مراحله الفنية المختلفه - بعضها لنسائه- ومن وقت لاخر تعود علينا اجزاء من فيلم وثائقي عن بيكاسو يشاهدنه عبر الفيديو، فيغدو بمثابة الخلفية للفيلم الذي يقمن باعداده، يعرض لنشأة بيكاسو المولود في مدينة ملقة الاسبانية عام 1881، لبيئته ولمختلف الظروف الاجتماعية والسياسة التي احاطت به واثرت عليه وعلى فنه، بالتقاطع مع اراء مسجلة لنقاد اسبانيين او شهادات لبعض اقارب بيكاسو... التي تختلط بمشاهد تعبيرية يتم تسجيلها في
الاستديو لممثلات يجسدن اكثر ما يميز شخصية كل امرأة من النساء السبع اللواتي عبرن حياة بيكاسو عبر تسلسلهن الزمني وبخلفياتهن الاجتماعية المتنوعة؛ فمن مادلين بائعة الهوى، إلى فيرناند، فثالث علاقاته واول زوجاته أولغا راقصة البالية الروسية والمنحدرة من اسرة مرموقة، إلى ماري تيريز، ثم الفنانة دورا، ثم فرانسواز، إلى اخر نسائه وثاني زوجاته جاكلين حيث دامت علاقتهما عشرون عاما حتى مامته عام 1973، شكلت المرأة عنصرا مهما في فن وحياة بيكاسو المديدة، فلم يمضِ وقت الا وكان بصحبة واحدة او اكثر، وانعكس ذلك جليا على اعماله، فكل منهن اثرت بشكل مختلف على انتاجه الفني، اللواتي كن محورا لعدد كبير من رسوماته، فانتقل مع كل امرأة إلى اسلوب جديد؛ حيث تنسب إلى مادلين مثلا المرحلة الزرقاء، والى فيرناند تنسب المرحلة الوردية وبداية التكعيبية، اما مع أولغا فكانت العودة إلى الكلاسيكية...

يعد بيكاسو أحد اساطير الفن في القرن العشرين، وما يحسب لهذا الفيلم المصداقية في تقديم بيكاسو كانسان بايجابيته كما بسلبياته، بيكاسو المبدع وعاشق النساء لكنه القاسي في معاملتهن والاناني والمتسلط والخائن بذات الوقت... الامر الذي نفتقد له في تقديم السير الذاتية للشخصيات العامة العربية عبر افلامنا.

كل الفيلم الابيض والاسود باستثناء المشاهد التعبيرية التي تقدم نساء بيكاسو مع اهم البورتريه التي رسمه بيكاسو لهن، كذلك كان اللون حاضرا في بعض المشاهد حيث تظهر بعض لوحات بيكاسو المراد التركيز عليها ملونة دون باقي الكادر.
في النهاية تمتزج جميع العناصر والمصادر الوثائقية والروائية في الفيلم كي يضيف كل منها معرفة جديدة فيكمل كل منها الاخر، باسلوب انيق بعيدا عن الممل، الا انه ما يتوقع من فيلم كهذا ينتخب جانبا محددا من حياة فنان، أن يتناول بشكل اوسع، واعمق تحليلا لتاثير النساء على ابداع بيكاسو، اكثر من كونه استعراضا لهذا التأثير.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى