الأربعاء ١٠ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٨
بقلم محمد الكرافس

أمداء مدينة لا تشتكي

إلى القدس، المدينة السابحة في حيرتي
أيتها المدينة
لك مني أبرك السلام
أنت وما تبقى من بصيص الرجولة،
ها أنت تقفين
بين الغصة واللسان
مثل زغرودة مرتجلة
تتلقفين سربا
من النظرات القاحلة،
تنكمشين
في بريق العباب الفصيح
كعالم من الدموع،
الحسرة فيك سيد
يرتع في بطش الجنان،
السنابل تدب فوق أشلائها
تحيل المقابر
إلى فروة متصدعة من الجماجم،
أيتها المدينة الدافئة
لك مني أبرك السلام،
يا باحثة عن الأنس
في عطش منفي إلى الأرض
الشهامة
تزرع المسامير في آمال دافقة،
وأنت تزحفين
وما زحفك بخادش للوجود،
مثل خيمة بلا وجه حقيقي
كأنك الخريف
إذا تطلعت إليه أيقونة السراب
في جسد بلا جدران،
ترجفين
تمطرين ورقا وترابا
وبسمة أطفال،
أنت مغرمة بالكراسة والسجاد
وما أنا بغافل
عن تصدع صدرك من التقوى.
أيتها المدينة العابدة
أين حليبك
ليرويَ صفرتي
ويطفئَ ما تبقى فيّ من لهيب الذاكرة؟
هل تخجلين من عروة النجيع
إذا بللت شفاهك؟
أنت المدينة
وأنا الجاثي على مرارتي
في مزبلة بلا كرامة،
في تاريخ لا يبتسم،
ها أنت تجاورين الكفن
عطشى إلى فحولة
تدفئ أوصالك
تعصر أثداءك
وأنت الساجدة بين اللاحرب واللاسلم
أيتها المدينة لك مني أبرك السلام...
إلى القدس، المدينة السابحة في حيرتي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى