الأحد ٢٩ أيار (مايو) ٢٠١١
بقلم شاكر فريد حسن

أين الإبداع الفلسطيني المقاتل..؟!

منذ بدء الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي ومع انطلاق الثورة والمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الكوليونالي الاستيطاني، والمبدع الفلسطيني يتعرض للقهر والخنق والسجن والتصفية الجسدية، وذلك بهدف اسكات صوته المعبّر عن الجرح والألم والوجع الفلسطيني والناطق بأسم الوطن وفقراء الشعب ولمن لا صوت لهم.

وقد لجأت المؤسسة الصهيونية الى اغتيال المبدعين والمثقفين الفلسطينيين من أمثال: غسان كنفاني وكمال ناصر وماجد أبو شرار وعز الدين القلق وغيرهم من شهداء الكلمة والثورة، وذلك كجزء من محاولات الطمس والتزوير والتشويه والخنق الثقافي والابادة الجماعية، التي تشنها لضرب وتغييب الأدب والتاريخ والتراث الفلسطيني والذاكرة الجماعية الفلسطينية. ومن هنا تنبع مسؤولية المبدع والمثقف الفلسطيني بحماية وصيانة تراث شعبنا وتاريخه وهويته ونقله للاجيال الفلسطينية الجديدة، ومواصلة الابداع الملتزم بقضايا الناس والجماهير.

فالمبدعون هم جنود الكلمة وأمناء الأبجدية التي لا تهزم، والحرف يدخل المعركة ويجند نفسه أبجدية كاملة، وتنفجر الكلمات لتضيء خندق الدم الفلسطيني الذكي، وخندق المقاومة ضد الموت والابادة والتجويع والحصار والدمار. والمبدع الثوري الحقيقي هو من يكتب نصه بين لهيب الخنادق والانفجارات وتحت القذائف في المعارك وخلف المتاريس، وليس في المكاتب المكيفة تحت نور الكهرباء وامام شاشة الحاسوب، كما هو الحال في أيامنا هذه.

أفلم يكتب عمالقة الشعر والأدب الفلسطيني (محمود درويش ومعين بسيسو وعز الدين مناصرة ورشاد أبو شاور) وسواهم ممن أصدروا نشرة (المعركة) التعبوية، روائعهم الأدبية والشعرية العصماء تحت الحصار في بيروت الصمود، ابان العدوان الهمجي الفاشل، حين امتزجت الكلمة بالرصاصة والقذيفة..!

لقد انطلق صوت المبدعين الفلسطينيين هادراً قبل (اوسلو) هاتفين للأرض والوطن والثورة والعودة والتحرير، وصاغوا من كلمات الحب والعشق والغضب ما يصل بين القلب والروح الفلسطينية الهائمة. ولكن أين هو الابداع الفلسطيني المقاتل والملتزم ؟! وأين الزخم الأدبي والثقافي الممهور بالصدق العفوي وحرارة التجربة ؟!ولماذا لم يعد في صفوفنا هامات وقامات أدبية وشعرية شاهقة بحجم جبرا ابراهيم جبرا وغسان كنفاني ومحمود درويش ومعين بسيسو؟!.

في تقديري، ان غالبية ما نشر وينشر من أدب فلسطيني بعد اوسلو، يخلو من الابداع ويفتقد الى الحلم الثوري، الذي يشكل أهم عناصر ومقومات العمل الابداعي الحقيقي الصادق والناجح. وكل ذلك ناجم عن الانحسار الثوري والتراجع السياسي والاحباط النفسي وغياب الحلم، نتيجة (اوسلو) الذي افرز واقعاً جديداً وخلق حالة ثقافية جديدة، وانخرط الشعراء والكتاب والمثقفون الذين كانوا ينضوون تحت راية "الالتزام الثوري والهم الوطني والسياسي" و"المثقف العضوي" و"الوقوف عكس التيار" في مؤسسات السلطة ودوائرها، مما افقدهم دورهم وعلاقتهم بالسلطة.

وغني عن القول، لا مكان للمثقف والمبدع بين شعبه اذا كان خارجاً عن ارادته، وبعيداً عن نضاله التحرري وثورته، وغير ملتزم باهدافه، وغير مسكون بهمومه وعذاباته اليومية، وهذا ما كنا نلمسه في الماضي والزمن الثوري الجميل لدى الأقلام الأدبية الفلسطينية المغموسة بالدم والعرق، التي نذرت نفسها خدمة للشعب والوطن والقضية. وهنيئاً للكلمة الفلسطينية الحرة النظيفة الشريفة الهادرة الملتزمة والمقاتلة التي لا تساوم، وتجرف في طريقها كل عوامل اليأس والقهر والاحباط.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى